الخامس : أن يكون حالا من الضمير المستكن في «أحياء». أي : يحيون مرزوقين.
والمراد بالعندية : المجاز عن قربهم بالتكرمة.
وقيل : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي : في حكمه ، كما تقول : هذه المسألة عند الشافعي كذا ، وعند غيره كذا.
قال ابن عطية «وهو على حذف مضاف ، أي : عند كرامة ربهم». ولا حاجة إليه ؛ لأن الأول أليق.
قوله : (يُرْزَقُونَ) فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون خبرا ثالثا ل «أحياء» أو ثانيا ـ إذا لم نجعل الظرف خبرا.
الثاني : أنها صفة ل «أحياء» ـ بالاعتبارين المتقدمين ـ فإن أعربنا الظرف وصفا ـ أيضا ـ فيكون هذا جاء على الأحسن ، وهو أنه إذا وصف بظرف وجملة ، فالأحسن تقديم الظرف وعديله ؛ لأنه أقرب إلى المفرد.
الثالث : أنه حال من الضمير في «أحياء» أي : يحيون مرزوقين.
الرابع : أن يكون حالا من الضمير المستكن في الظرف ، والعامل فيه ـ في الحقيقة ـ العامل في الظرف.
قال أبو البقاء ـ في هذا الوجه ـ : «ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف ، إذا جعلته صفة. وليس ذلك مختصا بجعله صفة فقط ، بل لو جعلته حالا جاز ذلك ـ أيضا ـ وهذه تسمى الحال المتداخلة ، ولو جعلته خبرا كان كذلك».
فصل
هذه الآية نزلت في شهداء بدر ، وكانوا أربعة عشر رجلا ، ثمانية من الأنصار ، وستة من المهاجرين.
وقيل : نزلت في شهداء أحد ، وكانوا سبعين رجلا ، أربعة من المهاجرين ـ حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير ، وعثمان بن شماس ، وعبد الله بن جحش ـ وباقيهم من الأنصار(١).
فصل
ظاهر هذه الآية يدل على كون هؤلاء المقتولين أحياء ، فإما أن يكون حقيقة ، أو مجازا ، فإن كان حقيقة ، فإما أن يكون بمعنى أنهم سيصيرون في الآخرة أحياء ، أو في
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٦٨) وعزاه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الضحى.