قوله (ما فَعَلُوهُ). الهاء يحتمل أن تكون ضمير مصدر (اقْتُلُوا ،) أو (اخْرُجُوا) أي : ما فعلوا القتل ؛ أو ما فعلوا الخروج.
وقال فخر الدّين الرّازي (١) : تعود إلى القتل والخروج معا ؛ لأنه الفعل جنس واحد وإن اختلفت ضروبه.
قال شهاب الدّين : وهذا بعيد لنبوّ الصّناعة عنه ، وأجاز أبو البقاء أن يعود على المكتوب ويدلّ عليه : (كَتَبْنا).
قوله : (إِلَّا قَلِيلٌ) رفعه من وجهين :
أحدهما : أنه بدل من فاعل (فَعَلُوهُ) وهو المختار على النّصب ؛ لأن الكلام غير موجب.
الثاني : أنه معطوف على ذلك الضّمير المرفوع ، و «إلّا» حرف عطف ، وهذا رأي الكوفيّين.
وقرأ ابن عامر (٢) وجماعة : إلا قليلا بالنّصب ، وكذا هو في مصاحف أهل الشّام ، ومصحف أنس بن مالك ، وفيه وجهان :
أشهرهما : أنه نصب على الاستثناء وإن كان الاختيار الرّفع ؛ لأن المعنى موجود [معه كما هو موجود](٣) مع النّصب ، ويزيد عليه بموافقة (٤) اللّفظ.
والثّاني : أنه صفة لمصدر محذوف ، تقديره : إلا فعلا قليلا ، قاله الزّمخشري (٥) وفيه نظر ؛ إذ الظّاهر أن «منهم» صفة ل (قليلا ،) ومتى حمل القليل على غير الأشخاص ، يقلق هذا التركيب ؛ إذ لا فائدة حينئذ في ذكر «منهم».
قال أبو علي الفارسي (٦) : الرّفع أقيس ، فإن معنى ما أتى أحد إلا زيد ، [وما أتاني إلا زيد](٧) واحد ؛ فكما اتّفقوا في قولهم : ما أتاني إلا زيد ، على الرّفع ، وجب أن يكون قولهم : ما أتاني أحد إلا زيد بمنزلته.
قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا) تقدم الكلام على نظيره ، و «ما» في (ما يُوعَظُونَ) [موصولة](٨) اسميّة.
والباء في : «به» يحتمل أن تكون المعدّية دخلت على الموعوظ به [والموعوظ
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٣٤.
(٢) ينظر : السبعة ٢٣٥ ، والحجة ٣ / ١٦٨ ، وحجة القراءات ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، والعنوان ٨٤ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣٥ ، وشرح شعلة ٣٤٠ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٠٧ ، وإتحاف ١ / ٥١٥.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : موافقته.
(٥) ينظر : الكشاف ١ / ٥٣٠.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٣٤.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في ب.