يطع الله في أداء الفرائض ، والرّسول في السّنن.
فصل
ظاهر قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) يوجب الأكثر بالطّاعة الواحدة ، لأنّ اللّفظ الدالّ على الصّفة يكفي في جانب الثّبوت حصول ذلك المسمّى مرّة واحدة.
قال القاضي (١) : لا بد (٢) من حمل هذا على غير ظاهره ، وأن تحمل الطّاعة على فعل المأمورات وترك جميع المنهيّات ؛ إذ لو حملناه على الطّاعة الواحدة ، لدخل فيه الفسّاق والكفّار ؛ لأنهم قد يأتون الطّاعة الواحدة.
قال ابن الخطيب (٣) : وعندي فيه وجه آخر ، وهو أنّه ثبت في أصول الفقه ، أن الحكم المذكور عقيب الصّفة يشعر بكون (٤) ذلك الحكم معلّلا بذلك الوصف ، وإذا ثبت هذا فنقول : قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) [أي : ومن يطع الله](٥) في كونه إلها ، وذلك هو معرفته والإقرار بجلاله وعزّته وكبريائه [وقدرته](٦) ، ففيها تنبيه على أمرين عظيمين من أمور المعاد :
الأوّل : منشأ جميع السّعادات يوم القيامة وهو إشراق الروح بأنوار معرفته تعالى ، وكل من كانت هذه الأنوار في قلبه أكثر ، وصفاؤها أقوى ، وبعدها عن التكدّر بعالم الأجسام ، كان إلى الفوز بالنجاة أقرب.
الثاني : قال ابن الخطيب (٧) : إنه ـ تعالى ـ وعد المطيعين في الآية المتقدّمة بالأجر العظيم والهداية ، ووعدهم هنا بكونهم مع النبيّين [كما ذكر في](٨) الآية ، وهذا الذي ختم به أشرف ممّا قبله ، فليس المراد بكون من أطاع الله وأطاع الرّسول مع النّبيّين والصّدّيقين ـ كون الكل في درجة واحدة ؛ لأن هذا يقتضي التسوية في الدّرجة بين الفاضل والمفضول ، وإنّه لا يجوز ، بل المراد : كونهم في الجنّة بحيث يتمكّن (٩) كل واحد منهم من رؤية الآخر ، وإن بعد المكان ؛ لأن الحجاب إذا زال ، شاهد بعضهم بعضا ، وإذا أرادوا الزّيارة والتّلاقي قدروا عليه ، فهذا هو المراد من هذه المعيّة.
قوله : (مِنَ النَّبِيِّينَ) فيه أربعة أوجه :
أظهرها : أنه بيان ل (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ).
الثاني : أنه حال من الضمير في «عليهم».
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٣٧.
(٢) في ب : فلا بد.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٣٧.
(٤) في ب : كون.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في ب.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٣٧.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : يمكن.