السّفر : رفقة ؛ لارتفاق بعضهم ببعض ، والمعنى : أن هؤلاء رفقاء في الجنّة.
روى أنس ؛ أن رجلا قال يا رسول الله : «الرّجل يحبّ قوما ولمّا يلحق بهم» قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «المرء مع من أحبّ» (١).
وعن أنس بن مالك قال : قال رجل : يا رسول الله (٢) متى السّاعة؟ قال : وما أعددت لها ؛ فلم يذكر كثيرا إلا أنّه يحبّ الله ورسوله. قال : فأنت مع من أحببت (٣).
قوله : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) «ذلك» مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :
أحدهما : أنه «الفضل» والجار والمجرور في محلّ نصب على الحال ، والعامل فيها معنى الإشارة.
والثاني : أنه الجارّ ، و «الفضل» صفة لاسم الإشارة ، ويجوز أن يكون «الفضل» والجار بعده خبرين [ل «ذلك»](٤) على رأي من يجيزه.
فصل : في دفع شبه المعتزلة القائلين بوجوب الثواب
«ذلك» [اسم](٥) إشارة إلى ما (٦) تقدّم ذكره من الثّواب ، وقد حكم عليه بأنّه فضل من الله ، وهذا يدلّ على أن الثواب غير واجب على الله ـ تعالى ـ ، ويدلّ عليه من جهة العقل (٧) أيضا وجوه:
أحدها : أن القدرة على الطّاعة إن كانت لا تصلح إلا للطّاعة ، فخالق تلك القدرة هو الّذي أعطى الطّاعة (٨) ، فلا يكون فعله موجبا عليه شيئا ، وإن كانت صالحة للمعصية أيضا ، لم يترجّح جانب الطّاعة [لله](٩) على جانب المعصية إلا بخلق الدّاعي إلى الطّاعة ، ويصير مجموع القدرة والدّاعي موجبا للفعل ، فخالق (١٠) هذا المجموع ، هو الّذي أعطى الطّاعة ، فلا يكون فعله موجبا عليه شيئا.
وثانيها : أنّ نعم الله على العبد لا تحصى ، وهي موجبة للطّاعة (١١) والشّكر ، فإذا وقعت في مقابلة النّعم السّالفة ، امتنع كونها موجبة للثّواب في المستقبل.
__________________
(١) أخرجه البخاري (١٠ / ٥٧٣) كتاب الأدب باب علامة الحب في الله (٨١٦٨ ، ٦١٦٩) ومسلم (٤ / ٢٠٣٤) كتاب البر والصلة حديث (٢٦٤٠ ، ٢٦٤١) من حديث أبي موسى.
(٢) في ب : قال رجل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله.
(٣) أخرجه البخاري (١٠ / ٥٦٨) كتاب الأدب باب ما جاء في قول الرجل : ويلك (٦١٦٧) ومسلم كتاب البر والصلة (١٦٣ / ٦٣٩) وأحمد (٣ / ١٧٣) والترمذي (٢٣٨٦) وابن حبان رقم (٨ ، ١٠٥) والبغوي في «شرح السنة» (٦ / ٤٦٤) من حديث أنس بن مالك.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : من.
(٧) في أ : الفضل.
(٨) في أ : لا طاعة.
(٩) سقط في أ.
(١٠) في أ : فخالف.
(١١) في ب : في.