والمعوّض منه ، ويردّ عليه أيضا القراءة المتقدّمة في الثبات ؛ لأن المفرد منه مكسور الفاء.
[«وثبات» جمع ثبة ، ووزنها في الأصل : فعلة ، كحطمة ، و](١) إنما حذفت لامها وعوض عنها تاء التّأنيث ، وهل لامها واوا أو ياء؟ قولان :
حجّة القول الأول : أنها مشتقّة من [ثبا يثبو ؛ كخلا يخلو ، أي : اجتمع.
وحجّة القول الثاني : أنها مشتقة من](٢) ثبيت على الرجل إذا أثنيت (٣) عليه ؛ كأنك جمعت محاسنه ، وتجمع بالألف والتّاء ، وبالواو والنّون ، ويجوز في فائها (٤) حين تجمع على «ثبين» الضّم والكسر ، وكذا ما أشبهها ، نحو : قلة (٥) ، وبرة (٦) ، ما لم يجمع جمع تكسير.
والثّبة : الجماعة من الرّجال تكون فوق العشرة ، وقيل : الاثنان والثّلاثة ، وتصغّر على «ثبية» ، بردّ المحذوف ، وأما «ثبة الحوض» وهي وسطه ، فالمحذوف عينها ، لأنّها من باب يثوب الماء ، أي : يرجع ، تصغّر على «ثويبة» ؛ كقولك في تصغير سنة : سنيهة.
فصل
قال القرطبي (٧) : قيل إن هذه الآية منسوخة بقوله : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) [التوبة : ٤١] وبقوله (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) [التوبة : ٣٩] [ولأن يكون](٨)(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) منسوخا بقوله : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً ،) وبقوله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) [التوبة : ١٢٢] أولى ؛ لأن فرض الجهاد على الكفاية ، فمتى سدّ الثّغور (٩) بعض المسلمين ، أسقط الفرض (١٠) عن الباقين.
قال : والصّحيح أن الآيتين محكمتان ، إحداهما : في الوقت الذي يحتاج فيه إلى تعيّن الجميع ، والأخرى : عند الاكتفاء بطائفة دون غيرها.
قوله : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) «منكم» خبر مقدّم ل «إن» واسمها ، و «لمن» دخلت اللام على الاسم تأكيدا لما فصل بينه وبينها بالخبر ، و «من» يجوز أن تكون موصولة ،
__________________
(١) في ب : هو.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : ثنيت.
(٤) في ب : بائها.
(٥) القلة : عود يجعل في وسطه حبل ، ثم يدفن ، ويجعل للحبل كفّة فيها عيدان ، فإذا وطأ الظبي عليها عضت على أطراف أكارعه. اللسان (قلا).
(٦) البرة : الخلخال ، وهي أيضا : الحلقة في أنف البعير ، وقيل : هي الحلقة من صفر ، أو غيره تجعل في لحم أنف البعير. اللسان (بري).
(٧) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٧٨.
(٨) سقط في ب.
(٩) في أ : الثغر.
(١٠) في ب : الحرج.