قال القاضي (١) : القول بأن الحسنة هي الخصب ، وأن السّيّئة هي (٢) الغلاء ، [هذا](٣) هو المعتبر ، لأن إضافة الخصب والغلاء وكثرة النّعم وقلّتها إلى الله جائزة وأمّا إضافة النّصر والهزيمة إلى الله ـ تعالى ـ ، فغير جائزة ، [لأن السّيئة إذا كانت بمعنى الهزيمة والقتل ، لم يجز إضافتها إلى الله ـ تعالى ـ ، وهذا على مذهبه](٤) أمّا على مذهب أهل السّنّة ، فالكل بقضاء الله وقدره.
فصل في تفسير الحسنة والسيئة
اعلم أن السّيّئة تقع على البليّة والمعصية ، والحسنة على النّعمة والطّاعة ؛ قال تعالى : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف : ١٦٨] وقال ـ [تعالى ـ : (إِنَ (٥) الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود : ١١٤] ، وإذا ثبت هذا ؛ فنقول : قوله : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ،) وقوله : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) يفيد العموم في كلّ الحسنات والسّيّئات ، ثم قال بعده : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ).
فهنا تصريح بأنّ جميع الحسنات والسّيّئات من الله ـ تعالى ـ ، ولمّا ثبت بما ذكرنا أنّ الطّاعات والمعاصي داخلتان تحت اسم الحسنة والسّيّئة ، كانت [الآية](٦) دالّة على [أنّ](٧) جميع الطّاعات والمعاصي من الله تعالى ، وهو المطلوب.
[فإن قيل](٨) : المراد من الحسنة والسّيّئة هنا : ليس هو الطّاعة والمعصية ؛ لاتّفاق الكلّ على أنّ هذه الآية نزلت في الخصب والجدب ، فاختصّت بهما (٩) ، وأيضا فالحسنة الّتي يراد بها الخير والطّاعة [لا يقال فيها : أصابتني ، إنما يقال : أصبتها ، وليس في كلام العرب أصاب فلان حسنة](١٠) ، [بمعنى : عمل خير أو أصابته سيّئة](١١) بمعنى : عمل معصية ، فلو كان المراد ما ذكرتم ، لقال : إن أصبتم حسنة.
وأيضا : لفظ الحسنة واقع بالاشتراك على الطّاعة وعلى المنفعة ، وههنا أجمع المفسّرون على أنّ المنفعة مرادة ، [فيمتنع كون الطّاعة مرادة](١٢) ، لأنّه لا يجوز استعمال المشترك في مفهوميه معا.
والجواب عن الأوّل : [أن](١٣) خصوص السّبب (١٤) لا يقدح في عموم اللّفظ.
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٥٠.
(٢) في ب : هو.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في أ.
(٩) في أ : بها.
(١٠) سقط في أ.
(١١) سقط في ب.
(١٢) سقط في أ.
(١٣) سقط في ب.
(١٤) في ب : لسبب.