وأمّا قول الشّاعر : [الخفيف]
١٨٥٠ ـ ............ |
|
إنّي على الحساب مقيت (١) |
فقال الطّبري : إنه من غير هذا [المعنى المتقدّم ، فإنه بمعنى الموقوف ،](٢) فأصل مقيت : مقوت كمقيم.
وقال مجاهد : معنى مقيتا : شاهدا (٣)(٤) وقال قتادة : حفيظا (٥) ، وقيل معناه : على كل حيوان مقيتا ، أي (٦) : يوصل القوت (٧) إليه.
قال القفّال (٨) : وأي هذين المعنيين كان فالتّأويل صحيح ، وهو أنه ـ تعالى ـ قادر على إيصال النّصيب والكفيل من الجزاء إلى الشّافع ؛ مثل ما يوصله إلى المشفوع ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ ، ولا ينتقص بسبب (٩) ما يصل إلى الشّافع [شيء](١٠) من جزاء المشفوع ، وعلى الوجه الآخر : أنّه ـ تعالى ـ حافظ الأشياء شاهد عليها ، لا يخفى عليه شيء من أحوالها ، فهو عالم بأن الشّافع يشفع في حقّ [أو في](١١) باطل ، حفيظ عليهم فيجازي كلّا بما علمه منه.
وقوله : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) ولم يقيته بوقت ، والحال (١٢) يدلّ على أن هذه الصّفة كانت ثابتة له من الأزل إلى الأبد وليست محدثة.
قوله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً)(٨٦)
في النّظم وجهان :
أحدهما : أنّه لما أمر المؤمنين بالجهاد ، أمرهم أيضا بأن الأعداء لو رضوا بالمسالمة (١٣) فكونوا أنتم [أيضا](١٤) راضين بها ، فقوله (١٥) : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) [الأنفال : ٦١].
__________________
(١) تقدم قريبا.
(٢) قط في أ.
(٣) في ب : شاذا.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨٣) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٣٦) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٣٦) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٦) في ب : أو.
(٧) في ب : المقوت.
(٨) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٦٦.
(٩) في ب : نصيب.
(١٠) سقط في أ.
(١١) سقط في أ.
(١٢) في ب : ولا حال.
(١٣) في ب : بالمسألة.
(١٤) سقط في ب.
(١٥) في ب : فقوله.