قال القرطبي : ولا يسلّم على النّساء الشّابات الأجانب ؛ خوف الفتنة من مكالمتهن بنزغة شيطان أو خائنة عين ، وأما المحارم والعجائز فحسن.
فصل
والرّدّ فرض كفاية ؛ إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، والأولى للكلّ أن يحيّوا ؛ إذ (١) الرد واجب [على الفور](٢) فإن أخّر حتى انقضى الوقت ، وأجابه بعد فوت [الوقت](٣) ، كان ابتداء سلام لا جوابا ، وإذا ورد السلام في كتاب ، فجوابه واجب بالكتاب أيضا للآية ، وإذا سلّمت المرأة الأجنبيّة عليه ، وكان في رد الجواب عليها تهمة أو فتنة ، لم يجب الردّ ، بل الأولى ألا يفعل وحيث قلنا : لا يسلّم ، فلو سلّم لم يجب الرّدّ ؛ لأنه أتى بفعل منهيّ عنه ، فكان وجوده كعدمه.
قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً).
قيل : الحسيب بمعنى المحاسب على العمل ؛ كالأكيل والشّريب والجليس ، بمعنى : المؤاكل والمشارب والمجالس ، أي : على كل شيء من ردّ السلام بمثله وبأحسن منه ، «حسيبا» : أي : محاسبا مجازيا ، وقيل : بمعنى الكافي من قولهم : حسبي كذا ، أي : كافيا ، قاله أبو عبيدة ؛ ومنه قوله تعالى : (حَسْبِيَ اللهُ) [التوبة : ١٢٩] ، وقال مجاهد : حفيظا.
قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً)(٨٧)
وجه النّظم أنه ـ تعالى ـ يقول : من سلّم عليكم وحيّاكم ، فاقبلوا سلامه وأكرموه وعاملوه بناء على الظّاهر ، وأما (٤) البواطن فلا (٥) يعلمها إلا الله الذي لا إله إلا هو ، وإنما تنكشف بواطن الخلق في يوم القيامة. قوله : «ليجمعنكم» جواب قسم محذوف.
[قال القرطبيّ : اللام في قوله : «ليجمعنكم»](٦) لام قسم ، نزلت في الّذين شكّوا في البعث ، فأقسم الله ـ تعالى ـ بنفسه ، وكلّ لام بعدها نون مشدّدة فهي لام القسم وفي جملة هذا القسم مع جوابه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها في محل رفع خبرا ثانيا لقوله : «الله» ، و (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : جملة خبر أوّل.
والثاني : أنها خبر لقوله : «الله» أيضا ، و (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : جملة اعتراض بين المبتدأ وخبره.
__________________
(١) في ب : يجيبوا أو.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : فأما.
(٥) في ب : فما.
(٦) سقط في أ.