الثالث : أنه منصوب بإضمار «أعني» وهذان الوجهان يشملهما قولك : القطع.
الرابع : أنه بدل من «المؤمنين».
الخامس : أنه بدل من (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا) قاله مكّيّ.
السادس : أنه نعت ل «المؤمنين» ويجوز فيه وجه سابع ، وهو أن يكون نعتا لقوله : «الذين لم يلحقوا» قياسا على جعله بدلا منهم عند مكيّ.
و «ما» في قوله : (مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ) مصدرية ، و (الَّذِينَ أَحْسَنُوا) خبر مقدّم ، و «منهم» فيه وجهان :
أحدهما : أنه حال من الضمير في «أحسنوا» وعلى هذا ف «من» تكون تبعيضية.
الثاني : أنها لبيان الجنس.
قال الزمخشري : «مثلها في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) [الفتح : ٢٩] لأن الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا كلهم لا بعضهم». و «أجر» مبتدأ مؤخّر ، والجملة من هذا المبتدأ وخبره ، إما مستأنفة ، أو حال ـ إن لم يعرب (الَّذِينَ اسْتَجابُوا) مبتدأ ـ وإما خبر ـ إن أعربناه مبتدأ ـ كما تقدم تقريره.
والمراد : أحسنوا فيما أتوا به من طاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم واتقوا ارتكاب شيء من المنهيات.
فصل في بيان سبب النزول
في سبب نزول هذه الآية وجهان :
أحدهما ـ وهو الأصح ـ : أن أبا سفيان وأصحابه لما انصرفوا من أحد ، فلما بلغوا الرّوحاء ندموا وتلاوموا ، وقالوا : لا محمدا قتلتم ، ولا الكواعب أردفتم ، قتلتموهم حتى لم يبق منهم إلا الشريد تركتموهم ، ارجعوا فاستأصلوهم ، فهمّوا بالرجوع فبلغ ذلك الرسول صلىاللهعليهوسلم فأراد أن يرهب الكفّار ، ويريهم من نفسه وأصحابه قوة ، فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان ، وقال : لا أريد أن يخرج الآن معي إلا من كان معي في القتال ، فانتدب عصابة منهم ـ مع ما بهم من ألم الجراح والقرح الذي أصابهم يوم أحد ـ ونادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألا لا يخرجنّ معنا أحد ، إلا من حضر يومنا بالأمس ، فكلمه جابر بن عبد الله ، فقال : يا رسول الله إن أبي كان قد خلّفني على أخوات لي سبع ، وقال : يا بنيّ لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة ولا رجل فيهنّ ، ولست بالذي أوثرك على نفسي بالجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتخلّف على أخواتك فتخلفت عليهن. فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرج معه ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرهبا للعدو ، وليبلغهم أنه خرج في طلبهم ، فيظنوا به قوة ، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم ، فينصرفوا. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سبعين رجلا ، منهم أبو بكر وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ،