للأشياء ؛ لقوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة : ٢٩] فكونه مملوكا صفة تكدّر مقتضى الإنسانيّة ، فسميت إزالة (١) الملك تحريرا ، أي : تخليصا لذلك الإنسان عما يكدّر إنسانيّته ، والرّقبة عبارة عن النّسمة في قولهم : «فلان يملك كذا رأسا من الرّقيق».
والدّية في الأصل مصدر ، ثم أطلق على المال المأخوذ في القتل ، ولذلك قال : (مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ،) والفعل لا يسلّم بل الأعيان ، تقول : ودى يدي دية ووديا ، كوشى يشي شية ، فحذفت فاء الكلمة ، ونظيره في الصّحيح اللام : «زنة» و «عدة» ، و «إلى أهله» متعلّق ب «مسلمة» تقول : سلّمت إليه كذا ، ويجوز أن يكون صفة ل «مسلمة» وفيه ضعف.
فصل الخلاف في القصاص للقتل العمد
معنى [الآية](٢) فعلية إعتاق رقبة مؤمنة كفّارة ودية كاملة (مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) أي : إلى أهل القتيل الذين يرثونه ، (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا). أي :](٣) يتصدّقوا بالدّية فيعفوا ويتركوا الدّية ، واختلفوا في قتل العمد :
فقال أبو حنيفة : لا يوجب الكفّارة ؛ لهذه الآية فقال : («وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)(٤) شرط لوجوب الكفّارة كونه خطأ ، وعند انتفاء الشّرط لا يحصل المشروط.
وقال الشّافعيّ : تجب الكفّارة ؛ لما روى واثلة بن الأسقع ، قال : أتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صاحب لنا أوجب النّار بالقتل ، فقال : أعتقوا عنه يعتق الله بكلّ عضو منه عضوا منه [من النّار](٥) ولأن الكفّارة في قتل الصّيد في الحرم والإحرام ، يستوي فيه العامد والخاطىء [إلا](٦) في الإثم فكذا في قتل المؤمن.
فصل
قال ابن عبّاس ، والحسن ، والشّعبي ، والنّخعي : لا تجزىء الدّية (٧) إلا إذا صام وصلّى ، لأنه وصفها بالإيمان ، والإيمان : إمّا التّصديق ، وإمّا العمل ، وإمّا المجموع والكل فائت عن الصّبي (٨).
__________________
(١) في ب : آية.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه أبو داود ٤ / ٢٩ ، كتاب العتق : باب في ثواب العتق (٣٩٦٤) ، وأحمد في المسند ٤٩٠ ـ ٤٩١ ، والبيهقي في السنن (٨ / ١٣٢) ، من طريق ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريب بن الديلمي قال أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس بينك وبينه أحد قال أتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صاحب لنا أوجب يعني القتل بالنار فقال : أعنقوا. فذكره وضعفه صاحب الإرواء ٧ / ٣٣٩.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : الرقية.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٣٥) عن ابن عباس والشعبي.