فإن قيل : لم قدّم تحرير الرّقبة على الدّية في الأولى ، وههنا عكس؟
الجواب : أن الواو لا تفيد الترتيب ، فتصير كقوله : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) (١) [البقرة : ٥٨] ، وفي آية أخرى : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [الأعراف : ١٦١].
فصل
والكفّارة تكون بإعتاق رقبة مؤمنة سواء كان المقتول مسلما أو معاهدا ، رجلا كان أو امرأة ، حرّا كان أو عبدا ، وتكون في مال القاتل.
قوله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مفعوله محذوف ، أي : فمن لم يجد رقبة ، وهي بمعنى وجدان الضّالّ ، فلذلك تعدّت لواحد ، وقوله : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) ارتفاعه على أحد الأوجه المذكورة في قوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) وقد مرّ ، أي : فعليه صيام ، أو : فيجب عليه صيام ، أو فواجبه صيام.
قال أبو البقاء (٢) : ويجوز في غير القرآن النّصب على «فليصم صوم شهرين». وفيه نظر ؛ لأنّ الاستعمال المعروف في ذلك أن يقال : «صمت شهرين ويومين» ، ولا يقولون : صمت صوم ـ ولا صيام ـ شهرين.
فصل
إذا كان واجدا للرقبة ، أو قادرا على تحصيلها بثمنها ، فاضلا عن نفقته ونفقة عياله وحاجته من مسكن ونحوه ، فعليه الإعتاق ، ولا يجوز له الصّوم ، فإن عجز عن ذلك فعليه صوم شهرين متتابعين ، فإن أفطر يوما متعمّدا في خلال الصّوم ، أو نوى صوما آخر ، وجب عليه الاستئناف ، فإن (٣) أفطر بعذر مرخّص ، أو سفر ، أو حيض : فقال النّخعيّ ، والشافعي في أظهر قوليه : ينقطع التّتابع ، وعليه الاستئناف.
وقال سعيد بن المسيّب ، والحسن ، والشّعبي : لا ينقطع ، ولو حاضت المرأة ، لم ينقطع التّتابع ؛ لأنّه لا يمكن الاحتراز عنه ؛ قال مسروق : فإن الصّوم بدل من (٤) مجموع الكفّارة والدّية.
فصل : فيما إذا عجز عن الصوم هل يطعم؟
إذا عجز عن الصّوم هل يطعم ستّين مسكينا (٥) فيه قولان :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٩٠.
(٣) في ب : وإن.
(٤) في ب : عن.
(٥) في أ : يتيما.