فصل
روى ابن شهاب عن سهل بن سعد السّاعدي ـ رضي الله عنه ـ ؛ أنه قال : رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد ، فأقبلت حتّى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ أخبره ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أملى عليه «لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله» ، قال : فجاء ابن أمّ مكتوم وهو يمليها عليّ ، فقال : يا رسول الله ، لو أستطيع الجهاد لجاهدت ، وكان رجلا أعمى ، فأنزل الله ـ تعالى ـ عليه وفخذه على فخذي ، فثقلت عليّ حتّى خفت أن ترضّ فخذي ، ثم سري عنه ، فأنزل الله : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)(١) في فضل الجهاد والحثّ عليه.
روى أنس ـ رضي الله عنه ـ ؛ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة فقال : «إن في المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه ، قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال : نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر» (٢) ، وروى مقسم عن ابن عبّاس ؛ قال : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) عن بدر ، والخارجون إلى (٣) بدر.
وقوله : (فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ) كلا الجارّين متعلّق ب «المجاهدون» و «المجاهدون» عطف على القاعدون.
فصل
اختلفوا في هذه الآية : هل تدلّ على أن المؤمنين القاعدين الأضراء ، يساوون المجاهدين أم لا؟.
قال بعضهم : لا تدل ؛ لأنا إن حملنا لفظ «غير» على الصفة ، وقلنا : [إن](٤)
__________________
(١) أخرجه البخاري (٨ / ١٩٥ ـ ١٩٦) كتاب التفسير : باب قوله تعالى : لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ... حديث (٤٥٩٢) والترمذي (٤ / ٩٢) والنسائي (٢ / ٥٤) وأحمد (٥ / ١٨٤) والبيهقي (٩ / ٢٣) وابن الجارود ص (٤٦٠) والطبري في «تفسيره» (٩ / ٩٠) والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٨٧) من حديث زيد بن ثابت وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٦١) وزاد نسبته لابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي نعيم في «الدلائل».
(٢) أخرجه البخاري (٧ / ٧٣٢) كتاب المغازي باب نزول النبي صلىاللهعليهوسلم الحجر (٤٤٢٣) ومسلم (٣ / ١٥١٨) كتاب الإمارة : باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض (١٥٩ / ١٩١١) من حديث أنس بن مالك.
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ١٠٨) كتاب التفسير : «باب قوله تعالى : لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...» حديث (٤٥٩٥) والطبري في «تفسيره» (٩ / ٩١) من طريق مقسم عن ابن عباس.
وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٤٩) وقال : انفرد به البخاري دون مسلم وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٦٢) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) سقط في أ.