وقيل : الدّرجات هي الإسلام والهجرة والجهاد والشّهادة ، فاز بها المجاهدون.
فصل : في حكم الجهاد
والجهاد في الجملة فرض ، غير أنه ينقسم إلى فرض العين وفرض الكفاية ، ففرض العين أن يدخل العدوّ دار قوم من المؤمنين ، فيجب على كلّ مكلّف من الرّجال ممن لا عذر له من أهل تلك البلدة الخروج إلى عدوّهم ، حرا كان أو عبدا ، غنيا كان أو فقيرا ، دفعا عن أنفسهم وعن جيرانهم ، وهو في حقّ من بعد منهم من المسلمين فرض على الكفاية ، فإن لم يقع الكفاية بمن نزل بهم ، يجب على من بعد منهم من المسلمين عونهم ، وإن وقعت الكفاية بالنّازلين بهم ، فلا فرض على الأبعدين ، ولا يدخل في هذا القسم العبيد والفقراء ، فإذا كان الكفّار قادرين في بلادهم ، فعلى الإمام ألا يخلّي كلّ سنة عن غزوة يغزوها بنفسه أو بسراياه ، حتى لا يكون الجهاد معطلا.
فصل : رد شبهة الشيعة
قالت الشّيعة : عليّ كان من المجاهدين ، وأبو بكر من القاعدين ، فيكون عليّ أفضل ؛ للآية ، فيقال لهم : مباشرة علي للقتال أكثر مباشرة من النّبيّ (١) صلىاللهعليهوسلم ، فيكون أفضل منه ، وهذا لا يقوله عاقل ، فإن قالوا : جهاد النّبي صلىاللهعليهوسلم لأنه في إظهار الدّين بتقرير [الأدلة](٢) قلنا : وكذلك أبو بكر ، سعى في إظهار الدّين في أوّل الإسلام ، حتى أسلم على يده جماعة ، وبالغ في الذّبّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم بنفسه وماله ، وكان عليّ حينئذ صبيّا لا يسلّم أحد بقوله ، وما كان قادرا على الدّين ، وجهاد أبي بكر في أوّل الإسلام وضعفه ، وجهاد عليّ كان وهو في الدّين بعد ظهور الإسلام وقوّته ، والأوّل أفضل ، وأيضا : فجهاد أبي بكر كان بالدّعوة إلى الدّين ، وأكثر أفاضل العشرة أسلموا على يده ، وذلك حرفة النّبي صلىاللهعليهوسلم وجهاد عليّ كان بالقتل (٣) ، والأوّل أفضل.
فصل : رد شبهة المعتزلة
[قالت المعتزلة](٤) لما كان التّفاوت في الثواب بحسب التّفاوت في العمل ، دلّ على أن علّة الثّواب هو العمل ، وأيضا لو لم يكن العمل موجبا للثّواب ، لكان (٥) الثّواب هبة لا أجرا ، والله ـ تعالى ـ سمّاه أجرا.
فالجواب : أن العمل علّة الثّواب ، بجعل الشّارع لا بذاته.
__________________
(١) في أ : للنبي.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : بالفعل.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : وكان.