لقوله (١) : (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ،) وذلك يدلّ على قولنا من ثلاثة أوجه :
الأول : حقيقة الوجوب هو الوقوع والسّقوط ؛ قال ـ تعالى ـ : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) [الحج : ٣٦] أي وقعت وسقطت.
وثانيها : أنه ذكره بلفظ الأجر ، والأجر عبارة عن المنفعة المستحقّة ، فأمّا الذي لا يكون مستحقا ، فلا يسمّى أجرا ، بل يسمّى هبة.
وثالثها : قوله : (عَلَى اللهِ) وكلمة «على» للوجوب ؛ قال ـ تعالى ـ : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٢) [آل عمران : ٩٧].
والجواب : أنا لا ننازع في الوجوب ، لكن بحكم الوعد والتّفضّل (٣) والكرم ، لا بحكم الاستحقاق الذي لو لم يفعل لخرج عن الإلهيّة.
فصل
نقل القرطبي عن مالك ؛ أنه قال : هذه الآية تدلّ على أنّه ليس لأحد المقام بأرض يسبّ (٤) فيها السّلف ويعمل فيها بغير الحقّ.
فصل
استدلّوا بهذه الآية على أنّ الغازي إذا مات في الطّريق ، وجب سهمه في الغنيمة ، كما وجب أجره ، وفيه ضعف ؛ لأن لفظ الآية مخصوص بالأجر ، وأيضا فاستحقاق السّهم من الغنيمة مستحقّ بحيازتها ، إذ لا يكون ذلك إلا بعد حيازتها.
قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) قال عكرمة مولى ابن عبّاس : طلبت اسم هذا الرّجل أربع عشرة سنة حتى وجدته ، وفي قول عكرمة [هذا](٥) دليل على شرف هذا العلم ، وأنّ الاعتناء به حسن والمعرفة به فضل ؛ ونحوه قول [ابن عبّاس](٦) : مكثت سنين أريد أن أسأل عمر ـ رضي الله عنه ـ عن المرأتين اللّتين تظاهرتا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما (٧) يمنعني إلا مهابته ، والذي ذكره عكرمة هو قول ضمرة بن العيص ، أو العيص بن ضمرة بن زنباع ، حكاه الطّبري عن سعيد بن جبير ، ويقال فيه : ضميرة أيضا ، وذكر أبو عمرو أنّه قد قيل فيه : خالد بن حزام بن خويلد ابن أخي خديجة ، [خرج](٨) مهاجرا إلى أرض الحبشة ، فهتفته حيّة في الطّريق ، فمات قبل أن يبلغ أرض الحبشة ؛ فأنزل الله فيه الآية ، وحكى ابن الجوزيّ أنه حبيب بن ضمرة.
__________________
(١) في ب : لقوله تعالى.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : الفضل.
(٤) في ب : يسبب.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : ما.
(٨) سقط في ب.