قال الواحديّ : يقال : قصر فلان صلاته ، وأقصرها وقصّرها ، وكلّ ذلك جائز.
والجمهور على «تقصروا» من «قصر» ثلاثيا (١) ، وقرأ ابن عبّاس : «تقصروا» من «أقصر» ، وهما لغتان : قصر وأقصر ، حكاهما الأزهريّ ، وقرأ الضّبيّ عن رجاله بقراءة ابن عبّاس ، وقرأ الزّهري : «تقصّروا» مشدّدا على التّكثير.
قوله : «من الصّلاة» في «من» وجهان :
أظهرهما : أنها تبعيضيّة ، وهذا معنى قول أبي البقاء (٢) ، وزعم أنه مذهب سيبويه ، وأنّها صفة لمحذوف ، تقديره : شيئا من الصلاة.
والثاني : أنّها زائدة ، وهذا رأي الأخفش فإنه لا يشترط في زيادتها شيئا ، و (أَنْ يَفْتِنَكُمُ) : مفعول «خفتم».
وقرأ عبد الله (٣) بن مسعود ، وأبيّ : «من الصّلاة أن يفتنكم» بإسقاط الجملة الشّرطيّة ، و (أَنْ يَفْتِنَكُمُ) على هذه القراءة ، مفعول من أجله ، ولغة الحجاز : «فتن» ثلاثيا ، وتميم وقيس : «أفتن» رباعيا.
فصل
لفظ القصر مشعر بالتّخفيف ؛ لأنه ليس صريحا في أنّ المراد : هو القصر في عدد الركعات ، أي: في كيفيّة أدائها ، فلا جرم حصل في الآية قولان :
الأوّل : قول الجمهور أنّ المراد منه : القصر في عدد الرّكعات والقائلون بهذا القول اختلفوا على قولين :
الأوّل : أن المراد منه : صلاة المسافر ؛ وهو أنّ كلّ صلاة تكون في الحضر أربع ركعات ، فإنها تصير (٤) في السّفر ركعتين ، وعلى هذا إنّما يدخل القصر في الرّباعيّة خاصّة.
الثاني : أنّ المراد : صلاة الخوف في السّفر ، وهو قول ابن عبّاس ، وجابر بن عبد الله ، وجماعة ، قال ابن عبّاس : فرض الله صلاة الحضر أربعا ، وصلاة [السّفر ركعتين](٥) ، وصلاة الخوف ركعة على لسان نبيّكم صلىاللهعليهوسلم (٦).
__________________
(١) ينظر في قراءات هذا الفعل : المحرر الوجيز ٢ / ١٠٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٥٣ ، والدر المصون ٢ / ٤٢٢.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٩٤.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٠٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٥٣ ، والدر المصون ٢ / ٤٢٢.
(٤) في ب : تقصد.
(٥) سقط في ب.
(٦) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (٥ / ٦٨٧) ، وأبو داود ٢ / ١٧ ، في الصلاة : باب من قال يصلي لكل طائفة ركعة (١٢٤٧).