مذاهب العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ، وغبي عليه أنّ السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ، كانوا أبعد همة في الغيرة عن الإسلام وذبّ المطاعن عنه من أن يقولوا ثلمة في كتاب الله ؛ ليسدّها من بعدهم ، وخرقا يرفوه من يلحق بهم». وأمّا قراءة الرفع ، فواضحة.
قوله تعالى : (وَالْمُؤْتُونَ) فيه سبعة أوجه أيضا :
أظهرها : أنه على إضمار مبتدأ ، ويكون من باب المدح المذكور في النصب وهذا أوّل الأوجه.
الثاني : أنه معطوف على «الرّاسخون» ، وفي هذا ضعف ؛ لأنه إذا قطع التابع عن متبوعه ، لم يجز أن يعود ما بعده إلى إعراب المتبوع ، فلا يقال : «مررت بزيد العاقل الفاضل» بنصب «العاقل» ، وجر «الفاضل» ، فكذلك هذا.
الثالث : أنه عطف على الضمير المستكنّ في «الرّاسخون» ، وجاز ذلك للفصل.
الرابع : أنه معطوف على الضمير في «المؤمنون».
الخامس : أنه معطوف على الضمير في «يؤمنون».
السادس : أنه معطوف على «المؤمنون».
السابع : أنه مبتدأ وخبره «أولئك سنؤتيهم» ، فيكون «أولئك» مبتدأ ، و «سنؤتيهم» خبره ، والجملة خبر الأوّل ، ويجوز في «أولئك» أن ينتصب بفعل محذوف يفسّره ما بعده ، فيكون من باب الاشتغال ، إلا أنّ هذا الوجه مرجوح من جهة أنّ «زيد ضربته» بالرفع أجود من نصبه ؛ لأنه لا يحوج إلى إضمار ؛ ولأنّ لنا خلافا في تقديم معمول الفعل المقترن بحرف التنفيس في نحو «سأضرب زيدا» منع بعضهم «زيدا سأضرب» ، وشرط الاشتغال جواز تسلّط العامل على ما قبله ، فالأولى أن نحمله على ما لا خلاف فيه ، وقرأ حمزة (١) : «سيؤتيهم» بالياء ؛ مراعاة للظاهر في قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ، والباقون بالنون على الالتفات تعظيما ، ولمناسبة قوله : «وأعتدنا» ،
فصل
والعلماء على ثلاثة أقسام :
[الأوّل] : علماء بأحكام الله فقط.
[الثاني] : علماء بذات الله وصفاته فقط.
[الثالث] : علماء بأحكام الله ، وبذات الله.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٢٤٠ ، والحجة ٣ / ١٨٩ ، وحجة القراءات ٢١٩ ، والعنوان ٨٦ ، وشرح الطيبة ١ / ٢٢٣ ، وإتحاف ١ / ٢٢٥