البريء (١) بهت له ، يقال : بهته بهتا وبهتانا ، إذا قال عنه ما لم يقل ، وهو بهّات ، والمفعول له : مبهوت ، ويقال : بهت الرّجل بالكسر ، إذا دهش وتحيّر ، وبهت بالضّمّ مثله ، وأفصح منها : بهت ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [البقرة : ٢٥٨] لأنّه يقال : رجل مبهوت ، ولا يقال : باهت (٢) ، ولا بهيت ؛ قال الكسائي (٣) ، و (إِثْماً مُبِيناً) أي : ذنبا بيّنا.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)(١١٣)
(٤) قال القرطبي (٥) : ما بعد «لو لا» مرفوع بالابتداء عند سيبويه ، والخبر محذوف لا يظهر ، والمعنى : ولو لا فضل الله عليك ورحمته بأن نبّهك على الحقّ ، وقيل : بالنّبوءة والعصمة ، (لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) عن الحق.
قال شهاب الدين : في جواب «لو لا» وجهان :
أظهرهما : أنه مذكور ، وهو قوله : «لهمّت».
والثاني : أنه محذوف ، أي : لأضلّوك ، ثم استأنف جملة فقال : «لهمّت» أي : لقد همّت.
قال أبو البقاء (٦) في هذا الوجه : ومثل حذف الجواب هنا حذفه في قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) [النور : ١٠] وكأنّ الذي قدّر الجواب محذوفا ، استشكل كون قوله : «لهمت» جوابا ؛ لأنّ اللّفظ يقتضي انتفاء همّهم بذلك ، والغرض : أنّ الواقع كونهم همّوا على ما يروى في القصّة ؛ فلذلك قدّره محذوفا ، والذي جعله مثبتا ، أجاب عن ذلك بأحد وجهين :
إمّا بتخصيص الهمّ ، أى : لهمّت همّا يؤثّر عندك.
وإمّا بتخصيص الإضلال ، أي : يضلّونك عن دينك وشريعتك ، وكلا هذين الهمّين لم يقع.
و (أَنْ يُضِلُّوكَ) على حذف الباء ، أي : بأن يضلّوك ، ففي محلّها الخلاف المشهور ، و «من» في «من شيء» زائدة ، و «شيء» يراد به المصدر ، أي : وما يضرّونك ضررا قليلا ، ولا كثيرا.
فصل
هذا قول للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ لو لا (٧) أن خصّك الله بالنّبوّة والرّحمة ، (لَهَمَّتْ طائِفَةٌ) : لقد
__________________
(١) في أ : الذي.
(٢) في ب : بهيت.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٤٤.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٤٥.
(٦) ينظر : الإملاء ١ / ١٩٤.
(٧) في أ : قولا.