نحو : «ثواب» أو «صراطه» ، وإمّا على الفضل والرحمة ؛ لأنهما في معنى شيء واحد ، وإما عائدة على الفضل ؛ لأنه يراد به طريق الجنان.
قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١٧٦)
قوله ـ جل وعلا ـ : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) إلى آخر السورة لما تكلّم [في](١) أوّل السّورة [في](٢) أحكام الأموال ، ختمها بذلك الآخر مشاكلا للأوّل ، ووسط السّورة مشتمل على المناظرة مع الفرق المخالفين في الدّين.
قال المفسرون (٣) : نزلت في جابر بن عبد الله ، قال : عادني رسول الله صلىاللهعليهوسلم [وشرف وكرم وعظم](٤) ، وأنا مريض لا أعقل ، فتوضّأ وصبّ من وضوئه عليّ ، فعقلت ، فقلت : يا رسول الله ، لمن الميراث ، إنّهما يرثني كلالة ، فنزلت (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)(٥). ومعنى : يستفتونك : يستخبرونك ، قال البراء بن عازب : هذه آخر آية نزلت من القرآن (٦).
قال القرطبي (٧) : كذا قال في مسلم ، وقيل : أنزلت في النّبيّ صلىاللهعليهوسلم.
قوله سبحانه وتعالى : (فِي الْكَلالَةِ) : متعلق ب «يفتيكم» ؛ على إعمال الثاني ، وهو اختيار البصريّين ، ولو أعمل الأول ، لأضمر في الثاني ، وله نظائر في القرآن : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة : ١٩]. (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) [الكهف : ٩٦] (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) [المنافقون : ٥] (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) [البقرة : ٣٩] ، وقد تقدّم الكلام فيه في البقرة ، وتقدّم الكلام في اشتقاق الكلالة في أوّل هذه السّورة [النساء : ١٢] ، وقوله : (إِنِ امْرُؤٌ) كقوله : (وَإِنِ امْرَأَةٌ) [النساء : ٣٨]. و «هلك» جملة فعلية في محلّ رفع صفة ل «امرؤ».
و «ليس له ولد» جملة في محلّ رفع أيضا صفة ثانية ، وأجاز أبو البقاء (٨) أن تكون هذه الجملة حالا من الضمير في «هلك» ، ولم يذكر غيره ، ومنع الزمخشريّ أن تكون حالا ، ولم يبيّن العلة في ذلك ، ولا بيّن صاحب الحال أيضا ، هل هو «امرؤ» أو الضمير
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٥٠٤.
(٤) سقط في ب.
(٥) تقدم.
(٦) أخرجه البخاري (١٢ / ٢٦) كتاب الفرائض : باب ميراث الأخوات والإخوة حديث (٦٧٤٣).
(٧) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٢٠.
(٨) ينظر : الإملاء ١ / ٢٠٥.