في «هلك»؟ قال أبو حيان (١) : «ومنع الزمخشريّ (٢) أن يكون قوله : (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) جملة حالية من الضمير في «هلك» ، فقال : ومحلّ (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) الرفع على الصفة ، لا النصب على الحال». انتهى ، قال شهاب الدين (٣) : والزمخشريّ لم يقل كذلك ، أي : لم يمنع كونها حالا من الضمير في «هلك» ، بل منع حاليتها على العموم ، كما هو ظاهر قوله ، ويحتمل أنه أراد منع حاليتها من «امرؤ» ؛ لأنه نكرة ، لكنّ النكرة هنا قد تخصّصت بالوصف ، وبالجملة فالحال من النكرة أقلّ منه من المعرفة ، والذي ينبغي امتناع حاليتها مطلقا ؛ كما هو ظاهر عبارته ؛ وذلك أنّ هذه الجملة المفسّرة للفعل المحذوف لا موضع لها من الإعراب ؛ فأشبهت الجمل المؤكّدة ، وأنت إذا أتبعت أو أخبرت ، فإنما تريد ذلك الاسم المتقدّم في الجملة المؤكّدة السابقة ، لا ذلك الاسم المكرّر في الجملة الثانية التي جاءت تأكيدا ؛ لأن الجملة الأولى هي المقصودة بالحديث ، فإذا قلت : «ضربت زيدا ، ضربت زيدا الفاضل» ، ف «الفاضل» صفة «زيدا» الأوّل ؛ لأنه في الجملة المؤكدة المقصود بالإخبار ، ولا يضرّ الفصل بين النعت والمنعوت بجملة التأكيد ، فهذا المعنى ينفي كونها حالا من الضمير في «هلك» ، وأما ما ينفي كونها حالا من «امرؤ» فلما ذكرته لك من قلّة مجيء الحال من النكرة في الجملة ، وفي هذه الآية على ما اختاروه من كون (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) صفة ـ دليل على الفصل بين النعت والمنعوت بالجملة المفسرة للمحذوف في باب الاشتغال ، ونظيره : «إن رجل قام عاقل فأكرمه» ف «عاقل» صفة ل «رجل» فصل بينهما ب «قام» المفسّر ل «قام» المفسّر.
فصل
قال القرطبيّ (٤) : معنى قوله ـ تعالى ـ : (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) أي : ليس له ولد ولا والد ، فاكتفى بذكر أحدهما.
قال الجرجانيّ (٥) : لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود ، فالوالد يسمّى والدا ؛ لأنه ولد ، والمولود يسمّى ولدا ؛ لأنه [ولد](٦) ؛ كالذّرّيّة [فإنّها من ذرأ](٧) ثم تطلق على الولد ، وعلى الوالد ؛ قال ـ تعالى ـ : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [يس : ٤١] وقوله ـ سبحانه ـ : (وَلَهُ أُخْتٌ) ؛ كقوله : (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) ، والفاء في «فلها» جواب «إن».
فصل في تقييدات ثلاثة ذكرها الرازي في الآية
قال ابن الخطيب (٨) : ظاهر هذه الآية فيه تقييدات ثلاثة :
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٢٢.
(٢) ينظر : الكشاف ١ / ٥٩٨.
(٣) ينظر : الدر المصون ٢ / ٤٧٣.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٢٠.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٢١.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.
(٨) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٩٥.