الأول : أن ظاهرها يقتضي أن الأخت إنّما تأخذ النّصف عند عدم الولد فأما عند وجود الولد ، فإنها لا تأخذ النصف ، وليس الأمر كذلك بل شرط كون الأخت تأخذ النصف ألّا يكون للميت ولد ابن ، وهذا لا يرد على ظاهر الآية ؛ لأن المقصود من الآية بيان أصحاب الفروض ومستحقّيها ، وفي هذه الصّورة إنما تأخذ النّصف بالتعصيب لا بكونه مفروضا أصالة ، بل لكونه ما بقي (١) بدليل أنه (٢) لو كان معها بنتان ، فإن لها الثلث الباقي بعد فرض البنتين.
الثاني : ظاهر الآية يقتضي أنّه إذا لم يكن للميت ولد ولا والد ؛ لأن الأخت لا ترث مع الوالد بالإجماع ، وهذا لا يرد ـ أيضا ـ على ظاهر الآية في الكلالة ، وشرطها عدم الولد والوالد.
الثالث : أن قوله : «ولها أخت» المراد منه الأخت من الأبوين ، ومن الأب ؛ لأن الأخت من الأم ، والأخ من الأمّ قد بيّن الله حكمه في أوّل السّورة.
وقوله عزوجل : (وَهُوَ يَرِثُها) لا محلّ لهذه الجملة من الإعراب ؛ لاستئنافها ، وهي دالة على جواب الشرط ، وليست جوابا ؛ خلافا للكوفيّين وأبي زيد ، وقال أبو البقاء (٣) : «وقد سدّت هذه الجملة مسدّ جواب الشرط» ، يريد أنها دالة كما تقدّم ، وهذا كما يقول النحاة : إذا اجتمع شرط وقسم ، أجيب سابقهما ، وجعل ذلك الجواب سادّا مسدّ جواب الآخر ، والضّميران من قوله : (وَهُوَ يَرِثُها) عائدان على لفظ امرىء وأخت دون معناهما ، فهو من باب قوله : [الطويل]
١٩١١ ـ وكلّ أناس قاربوا قيد فحلهم |
|
ونحن خلعنا قيده فهو سارب (٤) |
وقولهم : «عندي درهم ونصفه» ، وقوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) [فاطر : ١١] ، وإنما احتيج إلى ذلك ؛ لأنّ الحية لا تورث ، والهالك لا يرث ، فالمعنى: وامرأ آخر غير الهالك يرث أختا له أخرى.
فصل
المعنى : إن الأخ يستغرق ميراث الأخت ، إن لم يكن للأخت ولد ، فإن كان لها ابن ، فلا شيء للأخ ، وإن كان ولدها أنثى ، فللأخ ما فضل عن فرض البنات ، وهذا في الأخ للأبوين أو [الأخ](٥) للأب ، فأما الأخ للأمّ ؛ فإنه [لا يستغرق الميراث ، ويسقط بالولد](٦).
قوله تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) الألف في «كانتا» فيها أقوال :
__________________
(١) في ب : يبقى.
(٢) في ب : ما.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٠٥.
(٤) تقدم.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.