عكسه ، ويجوز أن يكون خبر «كان» محذوفا ، والألف تعود على الأختين المدلول عليهما بقوله : «وله أخت» ؛ كما تقدّم ذكره عن الأخفش وغيره ؛ وحينئذ يكون قوله : «اثنتين» حالا مؤكّدة ، والتقدير : وإن كانت الأختان له ، فحذف «له» ، لدلالة قوله : (وَلَهُ أُخْتٌ) عليه. فهذه أربعة أقوال.
فصل
أراد اثنتين فصاعدا ، وهو أنّ من مات له أخوات فلهنّ الثلثان.
قوله تعالى : (فَإِنْ كانُوا) في هذا الضمير ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه عائد على معنى «من» المقدرة ، تقديره : «فإن كان من يرث إخوة» ؛ كما تقدّم تقريره عن الزمخشريّ وغيره.
الثاني : أنه يعود على الإخوة ، ويكون قد أفاد الخبر بالتفصيل ؛ فإنّ الإخوة يشمل الذّكور والإناث ، وإن كان ظاهرا في الذكور خاصّة ، فقد أفاد الخبر ما لم يفده الاسم ، وإن عاد على الوارث ، فقد أفاد ما لم يفده الاسم إفادة واضحة ، وهذا هو الوجه الثالث ، وقوله : «فللذّكر» ، أي : منهم ، فحذف لدلالة المعنى عليه.
فصل
هذه الآية دالّة على أنّ الأخت المذكورة ليست هي الأخت للأمّ.
روي أن الصّديق ـ رضي الله عنه ـ قال في خطبته : ألا إنّ الآية الّتي أنزلها الله ـ تعالى ـ في سورة النّساء في الفرائض ؛ فأولها : في الولد والوالد ، وثانيها : في الزّوج والزّوجة والإخوة من الأمّ ، والآية التي ختم بها السّورة في الإخوة والأخوات ، والآية التي ختم بها في سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام (١).
قوله ـ تعالى ـ : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أن مفعول البيان محذوف ، و (أَنْ تَضِلُّوا) مفعول من أجله ؛ على حذف مضاف ، تقديره : يبيّن الله أمر الكلالة كراهة أن تضلّوا فيها ، أي : في حكمها ، وهذا تقدير المبرّد.
والثاني ـ قول الكسائي والفراء (٢) وغيرهما من الكوفيين ـ : أنّ «لا» محذوفة بعد «أن» ، والتقدير : لئلّا تضلّوا ، قالوا : وحذف «لا» شائع ذائع ؛ كقوله : [الوافر]
١٩١٢ ـ رأينا ما رأى البصراء فيها |
|
فآلينا عليها أن تباعا (٣) |
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٤٣١) والبيهقي (٦ / ٣١) وعبد بن حيمد كما في «الدر المنثور» (٢ / ٤٤٥) عن قتادة قال ذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته ... فذكره.
(٢) ينظر : معاني القرآن ١ / ٢٩٧.
(٣) البيت للقطامي. ينظر ديوانه (٤٣) والبحر المحيط ٣ / ٤٢٤ والدر المصون ٢ / ٤٧٥ والطبري ٩ / ٤٤٦.