[و](١) قوله : «ومن يفعل ذلك» أي : هذه الأشياء ، (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) أي : طلب رضاه ، و «ابتغاء» مفعول من أجله ، وألف «مرضات» عن واو ، وقد تقدّم تحقيقه.
فإن قيل : كيف قال : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ) ثم قال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ).
فالجواب : أنّه ذكر الأمر بالخير ، ليدل به على فاعله ؛ لأنّ الآمر بالخير لما دخل في زمرة (٢) الخيّرين ، فبأن يدخل فاعل الخير فيهم أولى ، ويجوز أن يراد : ومن يأمر بذلك ، فعبر عن الأمر بالفعل ؛ لأنّ الأمر أيضا فعل من الأفعال.
ثم قال : «فسوف يؤتيه» (٣) بالياء نظرا إلى الاسم الظّاهر في قوله : (مَرْضاتِ اللهِ) ، وقرىء بالنّون ؛ نظرا لقوله بعد : «نولّه ، ونصله» وهو أوقع للتّعظيم.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً)(١١٦)
تقدّم في آل عمران أن المضارع المجزوم ، والأمر من نحو : «لم يردد» و «ردّ» يجوز فيه الإدغام وتركه ، على تفصيل في ذلك وما فيه من اللّغات وتقدم الكلام في المشاقّة والشّقاق في البقرة ، وكذلك حكم الهاء في قوله : «نؤته» و «نصله».
وهذه الآية [نزلت](٤) في طعمة بن أبيرق ، وذلك أنّه لمّا ظهرت عليه السّرقة ، خاف على نفسه من قطع اليد والفضيحة ، فهرب مرتدّا إلى مكّة (٥).
فقال ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) أي : يخالفه ، (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى): من التّوحيد والحدود ، (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) أي : غير طريق المؤمنين ، [نولّه](٦) ما تولّى» أي : نكله [في الآخرة](٧) إلى ما تولّى في الدّنيا (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) فانتصب مصيرا على التّمييز ؛ كقولهم : «فلان طاب نفسا».
روي أن طعمة نزل على رجل من بني سليم من أهل مكّة ، يقال له : الحجّاج بن علاط ، فنقب [بيت الحجّاج ، ليسرقه ،] فسقط عليه حجر فلم يستطع أن يدخل ، ولا أن
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : ميرة.
(٣) قرأها بالياء أبو عمرو وحمزة.
ينظر : السبعة ٢٣٧ ، والحجة ٣ / ١٨١ ، والعنوان ٨٥ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣٧ ، وحجة القراءات ٢١١ ، وشرح شعلة ٣٤٣ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢١٨ ، وإتحاف ١ / ٥٢٠.
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ١٨٢ ـ ١٨٣) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٨٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.