محلل](١) بل إن كان المعني بقوله : بهيمة الأنعام الأنعام أنفسها ، فيكون استثناء منقطعا وإن كان المراد الظّباء ، وبقر الوحش وحمره (٢) ، فيكون استثناء متصلا على أحد تفسيري المحل ، استثنى الصّيد الذي بلغ الحلّ في حال كونهم ، محرمين.
فإن قلت : ما فائدة هذا الاستثناء بعد بلوغ الحل ، والصيد الذي في الحرم لا يحلّ أيضا؟
قلت : الصيد الذي في الحرم لا يحلّ للمحرم ولا لغير المحرم ، وإنّما يحلّ لغير المحرم الصيد الذي في الحلّ ، فنبّه بأنّه إذا كان الصيد [الذي](٣) في الحلّ يحرم على المحرم ـ وإن كان حلالا لغيره ـ فأحرى أن يحرم عليه الصيد الذي هو بالحرم ، وعلى هذا التفسير [يكون](٤) قوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إن كان المراد به ما جاء بعده من قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) الآية استثناء منقطعا ؛ إذ لا تختصّ الميتة وما ذكر معها بالظّباء ، وبقر الوحش وحمره (٥) ، فيصير التقدير : لكن ما يتلى عليكم أي : تحريمه فهو محرّم (٦) وإن كان المراد ببهيمة الأنعام [الأنعام](٧) والوحوش ، فيكون الاستثناءان راجعين إلى المجموع (٨) على التّفصيل ، فيرجع (ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إلى «ثمانية» الأزواج ، ويرجع (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) إلى الوحوش ؛ إذ لا يمكن أن يكون الثّاني استثناء من الاستثناء الأوّل ، وإذا لم يمكن ذلك ، وأمكن رجوعه (٩) إلى الأوّل بوجه (١٠) ما رجع إلى الأول.
وقد نصّ النحويون : أنّه إذا لم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض جعل الكلّ مستثنى من الأوّل ، نحو : قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا ، فإن قلت ما ذكرته من هذا التخريج الغريب ، وهو كون المحلّ من صفة الصّيد ، لا من صفة النّاس ، ولا من صفة الفاعل المحذوف يأباه رسمه في المصحف «محلّي» بالياء ، ولو كان من صفة الصّيد دون الناس لكتب «محلّ» من غير ياء ، وكون القرّاء وقفوا عليه بالياء أيضا يأبى ذلك.
قلت : لا يعكّر ذلك على هذا التخريج ؛ لأنّهم قد رسموا في المصحف الكريم أشياء تخالف النّطق بها ككتابتهم : (لَأَذْبَحَنَّهُ) [النمل : ٢١] ، (وَلَأَوْضَعُوا) [التوبة : ٤٧] ، ألفا بعد لام الألف [وكتابتهم (بِأَيْدٍ) [الذاريات : ٤٧] بياءين بعد الهمزة وكتابتهم «أولئك» (١١) بزيادة واو ونقص ألف بعد اللّام ، وكتابتهم : «الصّالحات» [ونحوه](١٢) بسقوط العين إلى غير ذلك.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : وحماره.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : وحماره.
(٦) في أ : محرام.
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ : مجموع.
(٩) في أ : رجوعها.
(١٠) في أ : ترجع.
(١١) في أ : ويبدأ.
(١٢) سقط في أ.