وقال الزّجّاج ـ وتبعه الزّمخشريّ ـ : إنّها ليست للعهد ، ولم يرد ب «اليوم» [يوما](١) معيّنا ، وإنّما أراد به الزمان الحاضر وما يدانيه من الأزمنة الماضية والآتية كقولك : كنت بالأمس شابّا (٢) ، وأنت اليوم أشيب ، لا تريد بالأمس الذي قبل يومك ، و [لا](٣) باليوم الزّمن الحاضر فقط ، ونحوه «الآن» في قول الشّاعر : [الكامل]
١٩٢٨ ـ الآن لمّا ابيضّ مسربتي |
|
وعضضت من نابي على جذم (٤) |
ومثله أيضا قول زهير : [الطويل]
١٩٢٩ ـ وأعلم ما في اليوم والأمس قبله |
|
ولكنّني عن علم ما في غد عم (٥) |
لم يرد بهذه حقائقها.
والجمهور على «يئس» بالهمزة ، وقرأ يزيد (٦) بن القعقاع «ييس» بياءين من غير همزة.
ورويت ـ أيضا ـ عن أبي عمرو ، ويقال : يئس ييئس ويئيس بفتح عين المضارع وكسرها ، فهو شاذّ.
ويقال : أيس [أيضا](٧) مقلوب من «يئس» فوزنه «عفل» ويدلّ على القلب كونه لم يعلّ ، إذ لو لم يقدر ذلك للزم إلغاء المقتضى ، وهو تحرّك حرف العلّة ، وانفتاح ما قبله ، لكنّه لما كان في معنى ما لم يعلّ صحّ.
واليأس : انقطاع الرّجاء ، وهو ضدّ الطّمع.
(مِنْ دِينِكُمْ) متعلق ب «يئس» ، ومعناها ابتداء الغاية ، وهو على حذف مضاف ، أي : من إبطال أمر دينكم.
فصل
لمّا حرّم وحلّل فيما تقدم ، وختم الكلام بقوله : (ذلِكُمْ)(٨)(فِسْقٌ) ، ثمّ حرّضهم على التمسّك بما شرع لهم ، فقال : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) أي : فلا تخافوا المشركين في خلافكم لهم (٩) في الشّرائع والأديان ، فإنّي أنعمت عليكم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : بلسان.
(٣) سقط في أ.
(٤) البيت للحارث بن وعلة الذهلي. ينظر : اللسان (سرب) شواهد الكشاف ٤ / ٥٢٠ ، البحر المحيط ٣ / ٤٤٠.
(٥) ينظر : ديوانه (٢٩) ، التهذيب ٣ / ٢٤٥ ، معاهد التنصيص ١ / ٣٢٥ ، اللسان (عمى) ، الدر المصون ٢ / ٤٨٧.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٥٤ ، وفيه أنها رويت عن أبي عمرو وينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٤١ ، والدر المصون ٢ / ٤٨٧.
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ : ذلك.
(٩) في أ : ولأنا.