قال القرطبيّ (١) : وهذا المنع إمّا لترويعه المسلمين وتشويشه عليهم بنباحه.
أو لمنع دخول الملائكة البيت ، أو لنجاسته على مذهب من يرى ذلك ، وإما لاقتحام النهي على اتخاذ ما لا منفعة فيه.
فصل
قال القرطبيّ (٢) : وفي الاية دليل على أنّ العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل ، لأنّ الكلب المعلّم له فضيلة على سائر الكلاب ، فالإنسان إذا كان له علم أولى.
قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٥)
قوله تعالى : [(الْيَوْمَ)(٣)(أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) الآية.
الكلام فيه كالكلام فيما قبله ، وزعم قوم أنّ المراد بالثلاثة أيام المذكورة هنا وقت واحد ، وإنّما كرره توكيدا ، ولاختلاف الأحداث (٤) الواقعة فيه حسن تكريره ، وليس بشيء.
وادّعى بعضهم أنّ في الكلام تقديما وتأخيرا ، وأنّ الأصل «فاذكروا اسم الله عليه» «وكلوا مما أمسكن عليكم» وهذا يشبه [قول](٥) من يعيد الضمير على الجوارح المرسلة.
قوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) فيه وجهان :
أصحهما : أنّه مبتدأ ، وخبره (أُحِلَّ لَكُمُ) وأبرز الإخبار بذلك في جملة اسمية اعتناء بالسؤال عنه.
وأجاز أبو البقاء (٦) أن يكون مرفوعا عطفا (٧) على مرفوع ما لم يسم فاعله وهو «الطيّبات» ، وجعل قوله : (أُحِلَّ لَكُمُ) خبر مبتدأ محذوف ، وهذا ينبغي ألا يجوز البتة لتقدير ما لا يحتاج إليه مع ذهاب بلاغة الكلام.
وقوله : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) مبتدأ وخبر ، وقياس قول أبي البقاء أن يكون «طعام» عطفا على ما قبله ، «وحلّ» خبر مبتدأ محذوف ، ولم يذكره ، كأنه (٨) استشعر الثواب (٩).
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٥٠.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : الأحكام.
(٥) سقط في أ.
(٦) ينظر : الإملاء ١ / ٢٠٨.
(٧) في أ : عاطفا.
(٨) في أ : لأنه.
(٩) في أ : الثوب.