[فحمل الآية على الذبائح أولى] وهي التي تصير طعاما بفعل الذّبائح [فحمل الآية عليه أولى] وقوله : «وطعامكم» فإن قيل : كيف شرع لهم حلّ طعامنا وهم كفّار ليسوا من أهل الشّرع؟
قال الزّجّاج (١) : معناه حلال لكم أن تطعموهم ، فيكون خطاب الحلّ مع المسلمين ؛ وقيل : لأنّه ذكر عقيبه حكم النّساء ، ولم يذكر حلّ المسلمات لهم ، فكأنه قال : حلال لكم أن تطعموهم حرام عليكم أن تزوّجوهم.
فصل
قوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) في رفع «المحصنات» وجهان :
أحدهما : أنّه مبتدأ خبره محذوف ، أي : والمحصنات حلّ لكم أيضا وهذا هو الظاهر.
واختار أبو البقاء (٢) أن يكون معطوفا على «الطّيبات» ، فإنّه [قال :](٣) «من المؤمنات» حال من الضّمير في «المحصنات» أو من نفس «المحصنات» إذا عطفتها على «الطّيّبات» و «حلّ» مصدر بمعنى الحلال ؛ فلذلك لم يؤنّث ولم يثنّ ، [ولم يجمع](٤) لأنه أحسن الاستعمالين في المصادر الواقعة صفة للأعيان ، ويقال في الإتباع : حلّ بلّ وهو كقولهم : حسن بسن ، وعطشان نطشان.
و «من المؤمنات» حال كما تقدّم ، إما من الضمير في «المحصنات» ، أو من «المحصنات» ، وقد تقدّم [الكلام في](٥) اشتقاق هذه اللفظة ، واختلاف القراء فيها في سورة النساء (٦).
فصل في معنى المحصنات
هذا منقطع عن قوله : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) وراجع إلى الأوّل.
واختلفوا في معنى «المحصنات» ، فذهب أكثر العلماء إلى أنّ المراد الحرائر ، وأجازوا [نكاح](٧) كل حرّة مؤمنة كانت أو كتابية فاجرة كانت أو عفيفة ، وهو قول مجاهد. وقال هؤلاء: لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابيّة لقوله : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ) [النساء : ٢٥] جوّز (٨) نكاح الأمة بشرط أن تكون مؤمنة ولقوله : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ، ومهر الأمة لا يدفع إليها بل إلى سيّدها ، وجوّز أكثرهم نكاح الأمة الكتابيّة الحربيّة لقوله : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٣.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٠٨.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) الآية : ٢٤.
(٧) سقط في أ.
(٨) في ب : ويجوز.