قوله : (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) فعيل من مرد إذا عتا ، ومنه : شجرة مرداء ، أي : تناثر ورقها ، ومنه : الأمرد ؛ لتجرّد وجهه من الشّعر ، والصّرح الممرّد : الذي لا يعلوه غبار ، وقرأ (١) أبو رجاء ويروى عن عاصم «تدعون» بالخطاب.
فصل
قال المفسّرون (٢) : كان [في](٣) كلّ واحد من تلك الأوثان (٤) شيطان يتراءى للسّدنة والكهنة يكلّمهم.
وقل الزّجّاج (٥) : المراد بالشّيطان هاهنا : إبليس ؛ لقوله ـ تعالى ـ : بعد ذلك : (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً).
وهذا قول إبليس ، ولا يبعد أنّ الذي يتراءى (٦) للسّدنة ، هو إبليس.
قوله : (لَعَنَهُ اللهُ) فيه وجهان :
أظهرهما : أنّ الجملة صفة ل «شيطانا» ، فهي في محلّ نصب.
والثاني : أنها مستأنفة : إمّا إخبار بذلك ، وإمّا دعاء عليه ، وقوله : «وقال» فيه ثلاثة أوجه :
قال الزّمخشريّ (٧) : قوله لعنه (وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ) صفتان ، يعني : شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله ، وهذا القول الشّنيع.
الثاني : الحال على إضمار «قد» أي : وقد قال.
الثالث : الاستئناف. و «لأتخذنّ» جواب قسم محذوف ، و (مِنْ عِبادِكَ) يجوز أن يتعلّق بالفعل قبله ، أو بمحذوف على أنّه حال من «نصيبا» ؛ لأنه في الأصل صفة نكرة قدّم عليها.
فصل
النّصيب المفروض : أي : حظا معلوما (٨) ، وهم الذين يتّبعون خطواته ، والفرض في اللغة: التّأثير ، ومنه : فرض القوس للجزء الذي يشدّ فيه الوتر ، والفريضة : ما فرضه الله على عباده حتما عليهم.
روي عنه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : من كلّ ألف واحد لله ، والباقي للشّيطان.
فإن قيل : العقل والنّقل يدلّان على أنّ حزب الله أقلّ من حزب الشّيطان.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١١٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٦٧.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٣٧.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : الإناث.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٣٧.
(٦) في ب : يتزايا.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٣٨.
(٨) في ب : بمعنى خطان معلومان.