في «إلى» هذه وجهان :
أحدهما : أنّها على بابها من انتهاء [الغاية](١) ، وفيها حينئذ خلاف.
فقائل : إن ما بعدها لا يدخل فيما قبلها.
وقائل بعكس ذلك.
وقائل : لا تعرض لها في دخول ولا عدمه ، وإنّما [يدور](٢) الدخول والخروج مع الدّليل وعدمه.
وقائل : إن كان ما بعدها من جنس ما قبلها [دخل](٣) في الحكم ، وإلّا فلا ، ويعزى لأبي العبّاس.
وقائل : إن كان ما بعدها من غير جنس ما قبلها لم يدخل ، وإن كان من جنسه ، فيحتمل الدخول وعدمه.
وأوّل هذه الأقوال هو الأصحّ عند النّحاة.
قال بعضهم : وذلك أنّا حيث وجدنا قرينة مع «إلى» ، فإن تلك القرينة تقتضي الإخراج مما قبلها ، فإذا ورد كلام مجرد عن القرائن ، فينبغي أن يحمل على الأمر الفاشي الكثير ، وهو الإخراج ، وفرق هذا القائل بين «إلى» و «حتّى» فجعل «حتى» تقتضي الإدخال ، و «إلى» تقتضي الإخراج بما تقدّم من الدّليل.
[وهذه الأقوال دلائلها في غير هذا الكتاب ، وقد أوضحتها في كتابي «شرح التسهيل»](٤).
والوجه الثاني : أنّها بمعنى «مع» أي : مع المرافق ، وقد تقدّم الكلام في ذلك عند قوله : (إِلى أَمْوالِكُمْ).
و «المرافق» جمع «مرفق» بفتح الميم وكسر الفاء على الفصيح من اللغة ، وهو مفصل بين العضد والمعصم.
فصل
ذهب أكثر العلماء (٥) إلى وجوب غسل اليدين مع المرفقين والرجلين مع الكعبين. وقال مالك والشعبيّ ومحمّد بن جرير وزفر : لا يجب غسل المرفقين والكعبين في اليد والرجل ؛ لأن حرف «إلى» للغاية ، والحدّ لا يدخل في المحدود ، وما يكون غاية للحكم يكون خارجا عنه كقوله تعالى : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : ١٨٧].
والجواب : أنّ حدّ الشيء قد يكون منفصلا عن المحدود بمقطع محسوس ، فهاهنا
__________________
(١) في ب : للغاية.
(٢) في أ : يريد.
(٣) في ب : لم يدخل.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥.