يكون الحد خارجا عن المحدود كقوله : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) فإنّ النّهار منفصل عن الليل انفصالا محسوسا ، وقد لا يكون منفصلا كقولك : «بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى ذلك الطرف» ، فإن طرف الثوب غير منفصل عن الثوب بمقطع محسوس فإذا كان كذلك فامتياز المرفق عن السّاعد ليس له مفصل معين ؛ فوجب غسله.
وثانيا : سلّمنا أنّ المرفق لا يجب غسله ، إلّا أنّ المرفق اسم لما جاوز طرف العظم ؛ لأنّه هو الذي يرتفق به أي يتّكىء عليه ، ولا نزاع أنّ ما وراء طرف العظم لا يجب غسله ، قاله الزجاج(١).
فصل في غسل ما أمكن مما هو دون المرفق
فإن قطع ما دون المرفق ؛ وجب غسل ما بقي ؛ لأنّ محل التكليف باق وإن كان قطع مما فوق المرفق لم يجب ؛ لأنّ محلّ التّكليف زال ، وإن كان قطع من المرفق ؛ فقال الشافعي : يجب إمساس [الماء عند ملتقى العظمين ؛ وجب مساس](٢) لطرف العظم ؛ لأنّ غسل المرفق كان واجبا ، وهو عبارة عن ملتقى العظمين ، فوجب إمساس الماء عند ملتقى العظمين ، وجب إمساس لطرف العظم الباقي لا محالة.
قوله عزّ وعلا (٣) : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ).
في هذه «الباء» ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّها للإلصاق ، أي : ألصقوا المسح برؤوسكم.
قال الزمخشريّ (٤) : المراد إلصاق المسح بالرّأس ، وما مسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق المسح برأسه.
قال أبو حيّان (٥) : وليس كما ذكر ، يعني أنّه لا يطلق على [الماسح](٦) بعض رأسه ، أنّه ملصق المسح برأسه ، وهذا مشاحّة لا طائل تحتها (٧).
والثاني : أنها (٨) زائدة كقوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) [البقرة : ١٩٥].
وقوله : [البسيط]
١٩٣٢ ـ ................ |
|
... لا يقرأن بالسّور(٩) |
وهو ظاهر كلام سيبويه (١٠) ، فإنّه حكى : خشّنت صدره وبصدره ، ومسحت رأسه وبرأسه ، والمعنى واحد.
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٢٦.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : فإذا وجب.
(٤) ينظر : الكشاف ١ / ٦١٠.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٥١.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : عنها.
(٨) سقط في أ.
(٩) تقدم.
(١٠) ينظر : الكتاب ١ / ٣٧.