واحد ، فإذا أدغمت «التّاء» في «الطّاء» سكّن أوّل الكلمة فزيد ألف وصل ليبتدأ بها ، فقيل: «اطّهّروا».
ولمّا ذكر تعالى كيفيّة الطّهارة الصّغرى ، ذكر بعدها الطّهارة الكبرى ، وهي الغسل من الجنابة. ولمّا كانت الطّهارة الصّغرى مخصوصة ببعض الأعضاء ، لا جرم ذكر تلك الأعضاء على التّعيين ، ولما كانت الطّهارة الكبرى في كلّ البدن أمر بها على الإطلاق.
روت عائشة أنّ النّبيّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ، ثم توضّأ كما يتوضّأ للصّلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلّل بها أصول شعره ، ثم يصبّ الماء على رأسه ثلاث غرفات بيده ، ثم يفيض الماء على جلده كلّه (١).
فصل
قال القرطبي (٢) : قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) أمر بالاغتسال بالماء ، وكذلك رأى عمر وابن مسعود : أنّ الجنب لا يتيّمم ألبتّة ، بل يدع الصّلاة حتى يجد الماء ، وهذا يردّه قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «وجعل لي الأرض مسجدا وترابها طهورا» وقوله : «التّراب طهور المسلم ، ما لم يجد الماء عشر سنين» ، وحديث عبادة ، وحديث عمران بن الحصين أنّ النّبيّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رأى رجلا معه ماء لم يصلّ في القوم الحديث (٣).
فصل
ولحصول الجنابة سببان :
الأوّل : نزول المنيّ ، قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إنّما الماء من الماء» (٤).
والثاني : في التقاء الختانين ، وقال زيد بن ثابت ، ومعاذ [وأبو سعيد الخدري :](٥) لا يجب الغسل إلّا عند نزول الماء.
لنا : قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إذا التقى الختانان وجب الغسل ، وإن لم ينزل» (٦) ، وختان الرّجل : هو الموضع الذي يقطع منه جلدة القلفة ، وأما ختان المرأة
__________________
(١) متفق عليه : أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٣٦٠ ، كتاب الغسل : باب الوضوء قبل الغسل الحديث (٢٤٨). ومسلم في الصحيح ١ / ٢٥٣. كتاب الحيض : باب صفة غسل الجنابة الحديث (٣٥ / ٣١٦) وينظر تفسير البغوي ٢ / ١٧.
(٢) ينظر : القرطبي ٦ / ٦٩.
(٣) تقدمت هذه الأحاديث.
(٤) أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٢٦٩ ، كتاب الحيض : باب إنما الماء من الماء الحديث (٨٠ / ٣٤٣) و (٨١ / ٣٤٣).
(٥) في أ : بن شعبة.
(٦) أخرجه الشافعي في مسنده ١ / ٣٧ حديث (١٠١) والأم ١ / ٣١. وأحمد ٦ / ٩٧.