(اثْنَيْ عَشَرَ) ، لأنه في الأصل صفة له فلما [قدّم نصب](١) حالا ، وقد تقدّم الكلام في تركيب (اثْنَيْ عَشَرَ) وبنائه ، وحذف نونه في «البقرة» [البقرة ٦٠].
[«وميثاق» يجوز أن يكون مضافا إلى المفعول ـ وهو ظاهر ـ أي : إنّ الله ـ تعالى ـ واثقهم ، وأن يكون مضافا إلى فاعله ، أي : إنّهم واثقوه تعالى.
والمفاعلة : يجوز نسبة الفعل فيها إلى كلّ من المذكورين](٢).
«والنّقيب» فعيل ، قيل : بمعنى فاعل مشتقّا من النّقب وهو التّفتيش ، ومنه : (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) [ق : ٣٦] ، وسمّي بذلك ؛ لأنّه يفتّش عن أحوال القوم وأسرارهم.
قال الزّجّاج (٣) : أصله النّقب ، وهو الثّقب الواسع ، ومنه المناقب ، وهي الفضائل ؛ لأنّها لا تظهر إلا بالتّنقيب عنها ، ونقبت (٤) الحائط أي : بلغت في النّقب إلى آخره ، ومنه : النّقبة من الجرب ؛ لأنه داء شديد الدّخول ؛ لأن البعير يطلى بالهناء فهو حدّ طعم القطران (٥) في لحمه ، والنّقبة في السّراويل بغير رجلين ؛ لأنّه قد يولع في فتحها ، ونقبها ويقال : كلب نقيب ، وهو كلب ينقب حنجرته لئلّا يرتفع صوت نباحه ، يفعله البخلاء من العرب لئلّا يظفر بهم ضيف.
وقيل : هو بمعنى مفعول ، كأنّ القوم اختاروه على علم منهم ، وتفتيش على أحواله.
وقيل : هو للمبالغة كعليم وخبير.
وقال الأصمّ (٦) : هو المنظور إليه المسند إليه أمور القوم وتدبير مصالحهم.
فصل
قال المفسّرون (٧) : إن بني إسرائيل كانوا اثني عشر سبطا ، واختار الله من كل سبط رجلا يكون نقيبا لهم وحاكما فيهم.
وقال مجاهد : إن النقباء بعثوا إلى مدينة الجبّارين الذين أمر موسى بالقتال معهم ليقفوا على أحوالهم ، ويرجعوا بذلك إلى نبيّهم (٨).
قال القرطبي (٩) : ذكر محمّد بن حبيب في «المحبر» (١٠) أسماء نقباء بني إسرائيل ،
__________________
(١) في ب : نصب قدم.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٤٥.
(٤) في ب : بقيت.
(٥) في ب : الفيران.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٤٦.
(٧) ينظر : المصدر السابق.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٤٩٠) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٧٢) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر. وينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٣٦.
(٩) ينظر : القرطبي ٦ / ٧٥.
(١٠) في ب : المجيز.