وعظّمتموهم [وأثنيتم](١) عليهم خيرا ، وعلى الثّالث والرابع يكون المعنى : ورددتم وردعتم عنهم سفاءهم (٢).
قال الزّجّاج (٣) : عزّرت فلانا فعلت به ما يردعه عن القبيح [مثل نكلت](٤) ، فعلى هذا يكون «عزّرتموهم» رددتم عنهم أعداءهم.
وقرأ الحسن البصري (٥) «برسلي» بسكون السّين حيث وقع.
وقرأ (٦) الجحدريّ : (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) خفيفة الزّاي ، وهي لغة.
وقرأ (٧) في [الفتح : ٩] [«وتعزروه»](٨) بفتح عين المضارعة ، وسكون العين ، وضم الزّاي ، وهي موافقة لقراءته هنا ، وتقدّم الكلام في نصب «قرضا» في [البقرة : ٢٤٥].
فإن قيل : لم أخّر الإيمان بالرّسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزّكاة ، مع أنه مقدّم عليهما؟.
فالجواب : أنّ اليهود كانوا مقرّين بأنّه لا بد في حصول النّجاة من إقامة الصلاة ، وإيتاء الزّكاة ، إلّا أنّهم كانوا مصرّين على تكذيب بعض الرّسل ، فذكر بعد إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة أنّه لا بد من الإيمان بجميع الرّسل حتى يحصل المقصود ، وإلّا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزّكاة تأثير في حصول النّجاة بدون الإيمان بجميع الرّسل.
فإن قيل : قوله : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) دخل تحت إيتاء الزّكاة ، فما فائدة الإعادة؟.
فالجواب : أنّ المراد بالزّكاة الواجبة ، وبالقرض الصّدقة المندوبة ، وخصّها بالذّكر تنبيها على شرفها.
قال الفرّاء (٩) : ولو قال : وأقرضتم الله إقراضا حسنا ، لكان صوابا ، إلا أنّه قد يقام الاسم مقام المصدر ، ومثله (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ) [آل عمران : ٣٧] ، ولم يقل : يتقبّل ، وقوله : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) [آل عمران : ٣٧] ولم يقل إنباتا.
قوله سبحانه : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
أي : أخطأ الطّريق المستقيم الذي هو الدّين المشروع لهم ، وقد تقدّم الكلام على سواء السّبيل.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : سفهاهم.
(٣) ينظر : معاني القران ٢ / ١٧٤.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٦٨ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦٠ ، والدر المصون ٢ / ٥٠٠.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٦٨ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦٠ ، والدر المصون ٢ / ٥٠٠.
(٧) الآية (٩) من «الفتح».
(٨) سقط في أ.
(٩) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٤٧.