الرابع : أنّه حال من «رسولنا» بدلا من الجملة الواقعة حالا له ، وهي قوله : «يبيّن».
الخامس : أنّه حال من الضّمير في «يبيّن» ذكرهما أبو البقاء (١) ، ولا يخفى ما فيهما من الفصل ؛ ولأن فيه ما يشبه تهيئة (٢) العامل للعمل ، وقطعه عنه ، والضّمير في «به» يعود على من جعل «يهدي» حالا منه ، أو صفة له.
قال أبو البقاء (٣) : فلذلك أفرد ، أي : إن الضمير في «به» أتي به مفردا ، وقد تقدّمه شيئان وهما : «نور» و «كتاب» ، ولكن لما قصد بالجملة من قوله : «يهدي» الحال ، أو الوصف من أحدهما ، أفرد الضّمير.
وقيل : الضمير في «به» يعود على الرّسول [وقيل : يعود على «السّلام»](٤) ، وعلى هذين القولين لا تكون الجملة من قوله : «يهدي» حالا ولا صفة لعدم الرّابط.
و «من» موصولة أو نكرة موصوفة ، وراعى لفظها في قوله : «اتّبع» فلذلك [أفرد الضّمير ، ومعناها ، فلذلك](٥) جمعه في قوله : «ويخرجهم».
وقرأ عبيد بن عمير ، ومسلم بن جندب ، والزّهري (٦) «به» بضم الهاء حيث وقع ، وقد تقدّم أنّه الأصل.
وقرأ الحسن (٧) «سبل» بسكون الباء ، وهو تخفيف قياسي به كقولهم في عنق : عنق ، وهذا أولى لكونه جمعا ، وهو مفعول ثان ل «يهدي» على إسقاط حرف الجرّ ، أي إلى «سبل» ، وتقدّم تحقيق نظيره ، ويجوز أن ينتصب على أنّه بدل من «رضوانه» إما بدل كل من كلّ لأن سبل السلام [هي رضوان الباري تعالى ، وإما بدل اشتمال ؛ لأن الرضوان مشتمل على سبل السلام ؛ أو لأنها مشتملة على رضوان الله تعالى ، وإما بدل](٨) بعض من كل ؛ لأن سبل السلام بعض الرضوان.
فصل
معنى (يَهْدِي بِهِ اللهُ) أي : بالكتاب المبين (مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) أي : كان مطلوبه من طلب الدّين (٩) اتّباع الدّين [الذي](١٠) يرتضيه الله ، (سُبُلَ السَّلامِ) [أي : طرق السّلامة](١١) وقيل : السلام هو الله عزوجل ، و «سبله» : دينه الذي شرع لعباده ، ويجوز
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٢.
(٢) في أ : لهيئة.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٢.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) وقرأ بها حميد كما في المحرر الوجيز ٢ / ١٧١ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦٤ ، والدر المصون ٢ / ٥٠٥.
(٧) وقرأ بها ابن شهاب وينظر : السابق.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : الدنيا.
(١٠) سقط في أ.
(١١) سقط في أ.