أن يكون على حذف مضاف ، أي : سبل دار السلام ، ونظيره قوله : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) [محمد : ٤ ـ ٥] ومعلوم أنّه ليس المراد هداية الاستدلال ، بل الهداية إلى طريق الجنّة.
ثم قال : (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) أي : من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان «بإذنه» بتوفيقه و «بإذنه» متعلّق ب «يخرجهم» أي : بتيسيره أو بأمره ، و «الباء» للحال أي : مصاحبين لتيسيره أو للسّببيّة ، أي : بسبب أمره المنزّل على رسوله.
وقيل : «الباء» تتعلق بالاتّباع ، أي : يتّبع رضوانه بإذنه.
قال ابن الخطيب (١) : ولا يجوز أن تتعلّق بالهداية ، [ولا بالإخراج ؛ لأنّه لا معنى له ، فدلّ ذلك على أنّه لا يتبع رضوان الله إلا من أراد الله منه ذلك].
ثم قال : (يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو الدّين الحقّ.
قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١٧)
وهم اليعقوبيّة من النّصارى ، يقولون : المسيح هو الله ، وهذا مذهب الحلوليّة ، فإنّهم يقولون : إنّ الله تعالى قد يحلّ في بدن إنسان معيّن أو في روحه ، ثم إنّه تعالى احتّج على فساد هذا المذهب بقوله تعالى : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً).
قوله تعالى : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ) [الفاء عاطفة هذه الجملة على جملة مقدّرة قبلها ، والتقدير : قل كذبوا ، أو ليس الأمر ذكلك فمن يملك؟](٢) وقوله : (مِنَ اللهِ) فيه احتمالان:
أظهرهما : أنّه متعلّق بالفعل قبله.
والثاني : ذكره أبو البقاء (٣) : أنّه حال من «شيئا» ، يعني : من حيث إنّه كان صفة في الأصل للنّكرة ، فقدّم عليها [فانتصب حالا](٤) ، وفيه بعد أو منع.
وقوله «فمن» استفهام توبيخ وتقرير وهو (٥) دالّ على جواب الشّرط بعده عند الجمهور.
قوله : (إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٥٠.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٢.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : وهذا.