وقال السديّ : وجعلكم [ملوكا](١) أحرارا تملكون أمر أنفسكم ، بعد ما كنتم في أيدي القبط يستعبدونكم (٢).
وقال الضّحّاك : كانت منازلهم واسعة ، فيها مياه جارية (٣) ، فمن كان مسكنه واسعا وفيه نهر جار ، فهو ملك.
وقيل : إنّ كل من كان رسولا ونبيّا كان ملكا ؛ لأنّه يملك أمر (٤) أمّته وكان نافذ الحكم عليهم فكان ملكا ، ولهذا قال (٥) تعالى : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [النساء : ٥٤].
وقيل : كان في أسلافهم وأخلافهم الملوك والعظماء (٦) ، وقد يقال لمن حصل فيهم الملوك : أنتم ملوك على سبيل الاستعارة.
قال الزّجّاج (٧) : الملك من لا يدخل عليه أحد إلا بإذنه.
وثالثها : قوله تعالى : (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) وذلك لأنّه تعالى خصّهم بأنواع عظيمة من الإكرام ، فلق البحر لهم وأهلك عدوّهم وأورثهم أموالهم ، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى ، وأخرج لهم المياه الغزيرة من الحجر ، وأظلّ فوقهم الغمام ، ولم يجتمع (٨) الملك والنّبوّة لقوم كما اجتمعا لهم ، وكانوا في تلك الأيّام هم العلماء بالله ، وهم أحباب الله وأنصار دينه.
ولما ذكر هذه النّعم وشرحها لهم أمرهم بعد ذلك بجهاد العدوّ ، فقال : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ).
وقرأ ابن (٩) محيصن هنا وفي جميع القرآن «يا قوم» مضموم الميم.
وتروى قراءة (١٠) عن ابن كثير [ووجهها أنّها](١١) لغة في المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم كقراءة (قالَ)(١٢)(رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) [الأنبياء : ١١٢] ، وقد تقدّمت هذه [المسألة](١٣).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (١١ / ١٥٤) عن السدي. وينظر : البغوي ٢ / ٢٤.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) في أ : له.
(٥) في أ : قاله.
(٦) في ب : والعلماء.
(٧) ينظر : الرازي ١١ / ١٥٥.
(٨) في أ : يجمع.
(٩) وروي ذلك عن ابن كثير.
ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٧٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦٩ ، والدر المصون ٢ / ٥٠٦.
(١٠) في أ : وترد.
(١١) في أ : ووجها أنه.
(١٢) سقط في أ.
(١٣) سقط في أ.