التّمرّد (١) ، ولعلّه إنّما قال ذلك تقليلا لمن وافقه ، أو يكون المراد بالأخ من يؤاخيه في الدّين ، وعلى هذا يدخل الرّجلان.
والمراد بقوله : (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) أي : افصل بيننا وبينهم ، بأن تحكم لنا بما تستحقّ وتحكم عليهم بما يستحقّون ، وهو في معنى الدّعاء عليهم ، أو يكون المعنى : خلّصنا من صحبتهم ، وهو كقوله : (نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [القصص : ٢١].
قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (٢٦)
قوله : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) أي الأرض المقدسة محرّمة عليهم أبدا ، لم يرد تحريم تعبّد ، وقيل تحريم منع (٢). [في](٣) قوله : (أَرْبَعِينَ سَنَةً) وجهان :
أظهرهما : أنّه منصوب ل «محّرمة» ، فإنّه روي في القصّة أنهم (٤) بعد الأربعين دخلوها ، فيكون قد قيّد تحريمها عليهم بهذه المدّة ، وأخبر أنّهم «يتيهون» ، ولم يبيّن كميّة التّيه ، وعلى هذا ففي «يتيهون» احتمالان :
أحدهما : أنه مستأنف.
الثاني : أنّه حال من الضّمير في «عليهم».
الوجه الثاني : أن «أربعين» منصوب ب «يتيهون» ، فيكون قيّد التّيه [ب «الأربعين»](٥).
[وأمّا](٦) التّحريم فمطلق ، فيحتمل أن يكون مستمرا ، أو يكون منقطعا وأنّها أحلت لهم.
وقد قيل بكلّ من الاحتمالين ، روي أنّه لم يدخلها أحد ممّن كان في التّيه ، ولم يدخلها إلا أبناؤهم [وأمّا الآباء فماتوا ، وما أدري ما الّذي حمل أبا محمّد بن عطيّة على تجويزه أن يكون العامل في «أربعين» مضمرا يفسره](٧) «يتيهون» المتأخر ، ولا ما اضطرّه إلى ذلك من مانع صناعي أو معنوي ، وجواز (٨) الوقف والابتداء بقوله : «عليهم» ، و «يتيهون» [مفهومان ممّا](٩) تقدم من الإعراب.
والتّيه : الحيرة ، ومنه : أرض تيهاء [لحيرة سالكها](١٠) قال : [الطويل]
__________________
(١) في أ : التردد.
(٢) في أ : تعبد.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : لهم.
(٥) في أ : الأربعين.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ : أو مجاز.
(٩) سقط في أ.
(١٠) سقط في أ.