قوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)(٣٢)
قوله : [(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ)](١) فيه وجهان :
أظهرهما : أنه متعلّق ب «كتبنا» وذلك إشارة إلى القتل ، و «الأجل» في الأصل هو : الجناية ، يقال : «أجل الأمر يأجل [إجلا](٢) وأجلا وإجلاء ، وأجلاء» بفتح الهمزة وكسرها إذا جناه وحده ، مثل : أخذ يأخذ أخذا.
ومنه قول زهير : [الطويل]
١٩٥٤ ـ وأهل خباء صالح ذات بينهم |
|
قد احتربوا في (٣) عاجل أنا آجله (٤) |
أي : جانيه.
ومعنى قول النّاس (٥) «فعلته من أجلك ولأجلك» أي : بسببك ، يعني : من أن جنيت فعله وأوجبته ، وكذلك قولهم : «فعلته من جرّائك» ، أصله من أن جررته ، ثم صار يستعمل بمعنى السّبب.
ومنه الحديث «من جرّاي» أي : من أجلي.
و «من» لابتداء الغاية ، أي : نشأ الكتب ، وابتدى من جناية القتل.
ويجوز حذف «من» واللّام وانتصاب «أجل» على المفعول له إذا استكمل الشّروط له. قال : [الرمل]
١٩٥٥ ـ أجل أنّ الله قد فضّلكم |
|
................. (٦) |
والثاني : أجاز بعض النّاس أن يكون متعلّقا بقوله : (مِنَ النَّادِمِينَ) أي : ندم من أجل ذلك ، أي : قتله أخاه قال أبو البقاء (٧) : ولا تتعلّق ب «النّادمين» ؛ لأنّه لا يحسن الابتداء ب
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : على.
(٤) ينظر : ديوانه (١٤٥) ، تفسير القرطبي ٦ / ١٤٥ ، الكشاف ١ / ٦٢٦ ، الدر المصون ٢ / ٥١٥.
(٥) في أ : الثاني.
(٦) صدر بيت لعدي بن زيد وعجزه :
فوق من أحكي بصدي وإزار
ينظر : تأويل المشكل (١٤٣) ، الجمهرة ٣ / ٢٣٥ ، الدر المصون ٢ / ٥١٥.
(٧) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٤.