بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٦) وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً)(١٠٧)
في كيفية النّظم وجوه :
أحدها : أنّه ـ تعالى ـ لما شرح أحوال المنافقين وأمر بالمحاربة ، وما يتّصل بها من الأحكام الشّرعيّة ، مثل قتل المسلم خطأ (٢) وصلاة المسافر ، وصلاة الخوف ، رجع بعد ذلك إلى بيان أحوال المنافقين ؛ لأنّهم كانوا يحاولون [حمل](٣) الرّسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ على أن يحكم بالباطل ويترك الحكم بالحقّ ، فأمره الله ـ تعالى ـ بألّا يلتفت إليهم في هذا الباب.
وثانيها : أنه ـ تعالى ـ لمّا بيّن الأحكام الكثيرة في هذه السّورة ، بيّن أنّها كلها إنّما عرفت بإنزال الله ـ تعالى ـ ، وأنّه ليس للرّسول أن يحيد عن شيء منها ؛ طلبا لرضا (٤) القوم.
وثالثها : أنّه ـ تعالى ـ لما أمر بالمجاهدة مع الكفّار ، بيّن أن الأمر وإن كان كذلك ، لكنه لا يجوز الخيانة معهم (٥) ولا إلحاق ما لم يفعلوا بهم ، وأنّ كفر الكافر لا يصحّ المسامحة له ، بل الواجب في الدّين : أن يحكم له وعليه بما أنزل الله على رسوله ، وإن كان لا يلحق الكافر حيف ؛ لأجل رضى المنافق
[قوله : «بالحقّ» : في محلّ نصب على الحال المؤكّدة ، فيتعلّق بمحذوف ،
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : الخطأ.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : لنرضى.
(٥) في أ : منهم.