وإن جعلت (١) العامل فيه القيام : كان عمرو قائما ، وكان الإعجاب قد تعلّق بالقيام مصاحبا لقيام عمرو.
فإن قلت : هلّا كان «ومثله معه» مفعولا معه ، والعامل فيه هو العامل في «لهم» ؛ إذ المعنى عليه؟.
قلت : لا يصحّ ذلك لما ذكرناه من وجود «معه» في الجملة ، وعلى تقدير سقوطها لا يصحّ ؛ لأنّهم نصّوا على أنّ قولك : «هذا لك وأباك» ممنوع في الاختيار.
قال سيبويه (٢) : وأما «هذا لك وأباك» فقبيح ؛ لأنّه لم يذكر فعلا ولا حرفا فيه معنى فعل حتى يصير كأنّه قد تكلّم بالفعل ، فأفصح سيبويه بأن اسم الإشارة وحرف الجر المتضمن (٣) [لمعنى الاستقرار لا يعملان في المفعول معه وقد أجاز بعض النحويين في حرف الجر والظرف أن يعملا](٤) نحو «هذا لك وأباك».
فقوله : «وأباك» يكون مفعولا معه ، والعامل الاستقرار في «لك». انتهى. ومع هذا الاعتراض الذي ذكره ، فقد يظهر عنه جواب ، وهو أنّا نقول : نختار أن يكون الضّمير في قوله : «معه» عائدا على «مثله» ويصير المعنى : مع مثلين ، وهو أبلغ من أن يكون مع مثل واحد.
وقوله : «تركيب عييّ» فهم قاصر ، ولا بدّ من جملة محذوفة قبل قوله : (ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ) تقديره : وبذلوه ، أو وافتدوا به ، ليصحّ التّرتيب المذكور ؛ إذ لا يترتّب على استقرار ما في الأرض جميعا ومثله معه لهم عدم التّقبّل ، إنما يترتّب عدم التّقبّل على البذل والافتداء والعامّة على «تقبّل» مبنيا [للمفعول حذف فاعله لعظمته وللعلم به.
وقرأ يزيد بن قطيب (٥) : «ما تقبّل» مبنيا للفاعل](٦) وهو ضمير الباري تبارك وتعالى.
قوله [تعالى] (وَلَهُمْ عَذابٌ) مبتدأ وخبره مقدّم عليه ، و «أليم» صفته بمعنى : مؤلم ، وهذه الجملة أجازوا فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون حالا ، وفيه ضعف من حيث المعنى.
المعنى الثاني : أن تكون في محلّ رفع عطفا على خبر «أن» أخبر عن الذين كفروا بخبرين لو استقرّ لهم جميع ما في الأرض مع مثله فبذلوه ، لم يتقبّل منهم وأنّ لهم عذابا أليما.
الثالث : أن تكون معطوفة على الجملة من قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وعلى هذا فلا محلّ لها ؛ لعطفها على ما لا محلّ له.
__________________
(١) في أ : جعلنا.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ١٢٨.
(٣) في أ : التضمن.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٨٧.
(٦) سقط في أ.