١٩٦٦ ـ هما نفثا في فيّ من فمويهما |
|
على النّابح العاوي أشدّ رجام (١) |
بخلاف الإفراد فإنّه ورد في فصيح الكلام ، ومنه : «مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما».
وقال بعضهم : الأحسن الجمع ، ثم التّثنية ، ثمّ الإفراد كقوله : [الطويل]
١٩٦٧ ـ حمامة بطن الواديين ترنّمي |
|
سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها (٢) |
وقال الزّمخشريّ : أيديهما : يديهما ، ونحوه : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] اكتفى بتثنية المضاف إليه عن تثنية المضاف ، وأريد باليدين اليمنيان بدليل قراءة عبد الله : «والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم» وردّ عليه أبو حيّان بأنهما ليسا بشيئين ، فإن النوع الأوّل مطّرد فيه وضع الجمع موضع التّثنية ، بخلاف الثاني فإنه لا ينقاس ، لأن المتبادر إلى الذّهن من قولك : «قطعت آذان الزّيدين» : «أربعة الآذان» وهذا الردّ ليس بشيء ؛ لأنّ الدليل دلّ على أنّ المراد اليمنيان.
فصل من أول من قطع في حد السرقة؟
قال القرطبي (٣) : أول من حكم بقطع [اليد](٤) في الجاهلية ابن المغيرة ، فأمر الله بقطعه في الإسلام ، فكان أول سارق قطعه رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في الإسلام ، من الرّجال الخيار بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف ومن النساء مرّة بنت سفيان من بني مخزوم ، وقطع أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يد الفتى الذي سرق العقد ، وقطع عمر ـ رضي الله عنه ـ يد ابن سمرة أخي عبد الرّحمن بن سمرة.
فصل لماذا بدأ الله بالسارق في الآية؟
قال القرطبيّ (٥) : بدأ الله بالسارق في هذه الآية قبل السّارقة ، وفي الزّنا بدأ بالزانية ، والحكمة في ذلك أن يقال : لما كان حبّ المال على الرجال أغلب ، وشهوة الاستمتاع على النساء أغلب بدأ بهما في الموضعين.
قوله تعالى : «جزاء» فيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه منصوب على المصدر بفعل مقدّر ، أي : جازوهما جزاء.
الثاني : أنّه مصدر [أيضا](٦) لكنه منصوب على معنى نوع المصدر ؛ لأنّ قوله : «فاقطعوا» في قوّة : جازوهما بقطع الأيدي جزاء.
__________________
(١) تقدم.
(٢) اختلف في نسبة هذا البيت فنسب إلى الشماخ وإلى توبة بن الحمير وهو في ملحق ديوان الشماخ (٤٣٨) وديوان توبة (٣٦) ، وينظر : المقرب ٢ / ١٢٨ ، وأمالي القالي ١ / ٨٨ ، الهمع ١ / ٥٥ ، الدرر ١ / ٢٦ ، والدر المصون ٢ / ٥٢٤.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١٠٥.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١١٤.
(٦) سقط في أ.