خبره ، ويجوز أن يكون الظرف حالا ، و «التوراة» فاعل به لاعتماده على ذي الحال.
والجملة الاسميّة أو الفعليّة في محلّ نصب على الحال.
وقوله : (فِيها حُكْمُ اللهِ) ، «فيها» خبر مقدم ، و «حكم» مبتدأ ، أو فاعل كما تقدم في «التوراة» ، والجملة حال من «التوراة» ، أو الجار وحده ، و «حكم» مصدر مضاف لفاعله.
وأجاز الزمخشريّ (١) : ألّا يكون لها محل من الإعراب ، بل هي مبيّنة ؛ لأنّ عندهم ما يغنيهم عن التحكيم ، كما تقول : «عندك زيد ينصحك ، ويشير عليك بالصّواب ، فما تصنع بغيره؟».
وقوله تعالى : (ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ) معطوف على «يحكّمونك» ، فهو في سياق التعجّب المفهوم من «كيف» وذلك إشارة إلى حكم الله الذي في التوراة ، ويجوز أن يعود إلى التحكيم والله أعلم.
فصل
هذا تعجّب من الله لنبيه [عليه الصلاة والسلام] من تحكيم اليهود إياه (٢) بعد علمهم بما في التوراة من حدّ الزّاني ، ثم تركهم قبول ذلك الحكم فيتعدلون عما يعتقدونه حكما [حقا](٣) إلى ما يعتقدونه باطلا طلبا للرخصة فظهر جهلهم وعنادهم من وجوه :
أحدها : عدولهم عن حكم كتابهم.
والثاني : رجوعهم إلى حكم من كانوا يعتقدون أنه مبطل.
والثالث : إعراضهم عن حكمه بعد أن حكّموه ، فبين الله تعالى حال جهلهم وعنادهم ؛ لئلا يغترّ مغترّ أنهم أهل كتاب الله ومن المحافظين على أمر الله.
ثمّ قال تعالى : (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) أي بالتوراة وإن كانوا يظهرون الإيمان بها ، وقيل: هذا إخبار بأنهم لا يؤمنون أبدا ، وهو خبر عن المستأنف لا عن الماضي.
وقيل : إنّهم وإن طلبوا الحكم منك فما هم بمؤمنين بك ، ولا بالمعتقدين في صحّة حكمك.
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(٤٤)
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) الآية.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ١ / ٦٣٦.
(٢) في أ : إياهم.
(٣) سقط في أ.