«أو» أيضا ، وقوله : (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) جملة حاليّة من فاعل «يعمل».
[قوله «يدخلون»] قرأ أبو عمرو ، وابن كثير ، وأبو بكر عن عاصم (١) : «يدخلون» هنا ، وفي مريم ، وأوّل غافر بضم حرف المضارعة ، وفتح الخاء مبنيا للمفعول ، وانفرد ابن كثير وأبو بكر بثانية غافر ، وأبو عمرو بالتي في فاطر ، والباقون : بفتح حرف المضارعة ، وضمّ الخاء مبنيا للفاعل ، وذلك للتفنّن في البلاغة. والأوّل أحسن ؛ لأنّه أفخم ، ولكونه موافقا لقوله : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
وأما القراءة الثّانية : فهي مطابقة لقوله : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) [الزخرف : ٧٠] ، ولقوله (ادْخُلُوها بِسَلامٍ) [الحجر : ٤٦].
والنقير : النّقرة في ظهر النّواة ، منها تنبت النّخلة ، والمعنى : أنّهم لا ينقصون قدر منبت النّواة.
فإن قيل : لم خصّ الله الصالحين بأنّهم لا يظلمون ، مع أنّ غيرهم كذلك ؛ كما قال : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦] ، وقوله (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) [آل عمران : ١٠٨].
فالجواب : من وجهين :
الأول : أن يكون الرّاجع في قوله : (وَلا يُظْلَمُونَ) عائدا إلى عمّال السّوء ، وعمّال (٢) الصّالحات جميعا.
والثّاني : أن من لا ينقص من الثّواب ، أولى بأن لا يزيد في العقاب.
روى الأعمش ، عن أبي الضّحى (٣) ، عن مسروق ، قال : لمّا نزل (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء ، فنزلت : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ) الآية ، ونزل أيضا : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ).
فصل : صاحب الكبيرة لا يخلد في النار
وهذه الآية من أدلّ الدّلائل على أن صاحب الكبيرة لا يخلّد [في النّار](٤) بل ينقل (٥) إلى الجنّة ؛ لأنّا بينّا أن صاحب الكبيرة مؤمن ، وإذا ثبت ذلك ، وكان قد عمل الصّالحات ، وجب أن يدخل الجنّة ، لهذه الآية ، ولزم بحكم الآيات الدّالّة على وعيد الفسّاق أن يدخل النّار ، فإمّا (٦) أن يدخل النّار (٧) ، ثم ينتقل إلى النّار ، وذلك باطل
__________________
(١) ينظر : حجة القراءات ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، والحجة ٣ / ١٨١ ، ١٨٢ ، والعنوان ٨٥ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣٨ ، وشرح شعلة ٣٤٣ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢١٥ ، وإتحاف ١ / ٥٢١.
(٢) في أ : وعمل.
(٣) في أ : الضحاك.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : ينتقل.
(٦) في ب : وأما.
(٧) في ب : الجنة.