وهذه الجملة تحتمل أن تكون من باب الجملة الفعليّة أو الجملة الاسميّة ، كما تقدّم في نظائره.
و «جميعا» حال من «كم» في «مرجعكم» ، والعامل في هذه الحال ، إمّا المصدر المضاف إلى «كم» ، فإنّ «كم» يحتمل أن تكون فاعلا ، والمصدر ينحلّ لحرف مصدريّ ، وفعل مبنيّ للفاعل ، والأصل : «ترجعون جميعا» ، ويحتمل أن تكون مفعولا لم يسمّ فاعله ، على أنّ المصدر ينحلّ لفعل مبني للمفعول ، أي : «يرجعكم الله» ، وقد صرّح بالمعنيين في مواضع.
وإما أن يعمل فيها الاستقرار المقدّر في الجارّ وهو «إليه» [و (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) يحتمل أن يكون من باب الجمل الفعليّة ، أو الجمل الاسميّة ، وهذا واضح بما تقدّم في نظائره](١) و «فينبّئكم» هنا من «نبّأ» غير متضمّنة معنى «أعلم» ، فلذلك تعدّت لواحد بنفسها ، وللآخر بحرف الجرّ.
والمعنى : فيخبركم بما لا تشكّون معه من الجزاء الفاصل بين محقكم ومبطلكم ، والمراد : أنّ الأمر سيؤول إلى ما يزيل الشّكوك.
قوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩) أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(٥٠)
قوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ) : فيه أربعة أوجه :
أحدها : أنّ محلّها النّصب عطفا على «الكتاب» ، أي : «وأنزلنا إليكم الحكم».
والثاني : أنّها في محلّ جرّ عطفا على «بالحقّ» ، أي : «أنزلناه بالحق وبالحكم» وعلى هذا الوجه فيجوز في محلّ «أن» النّصب والجرّ على الخلاف المشهور.
والثالث : أنّها في محلّ رفع على الابتداء ، وفي تقدير خبره احتمالان :
أحدهما : أن تقدّره متأخّرا ، أي : حكمك بما أنزل الله أمرنا أو قولنا.
والآخر : أن تقدّره متقدّما أي : ومن الواجب أن احكم أي : حكمك.
والرابع : أنّها تفسيريّة.
قال أبو البقاء (٢) : «وهو بعيد ؛ لأنّ «الواو» تمنع من ذلك ، والمعنى يفسد ذلك ؛ لأنّ «أن» التّفسيريّة ينبغي أن يسبقها قول يفسّر بها» ، أما ما ذكره من منع «الواو» أن تكون «أن» تفسيريّة فواضح.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٨.