فإن كانت الرّؤية بصريّة أو عرفانية ـ فيما نقله أبو البقاء (١) وفيه نظر ـ فتكون الجملة من «يسارعون» في محلّ نصب على الحال من الموصول ، وإن كانت قلبيّة ، فيكون «يسارعون» مفعولا ثانيا.
وقرأ (٢) النّخعي ، وابن وثّاب «فيرى» بالياء وفيها تأويلان :
أظهرهما : أنّ الفاعل ضمير يعود على الله تعالى ، وقيل : على الرّأي من حيث هو ، و «يسارعون» بحالتها.
والثاني : أن الفاعل نفس الموصول ، والمفعول هو الجملة من قوله : «يسارعون» ، وذلك على تأويل حذف «أن» المصدريّة ، والتقدير : ويرى القوم الذين في قلوبهم مرض أن يسارعوا ، فلما حذفت : «أن» رفع الفعل ؛ كقوله : [الطويل]
١٩٨٠ ـ ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
................. (٣) |
فصل
أجاز ابن عطيّة (٤) حذف «أن» المصدريّة ، إلا أنّ هذا غير مقيس ؛ إذ لا تحذف «أن» عند البصريين إلا في مواضع محفوظة.
وقرأ (٥) قتادة والأعمش : «يسرعون» من أسرع. و «يقولون» في محل نصب [على الحال من فاعل «يسارعون» ، و «نخشى» في محل نصب بالقول ، و «أن تصيبنا» في محلّ نصب](٦) بالمفعول أي : «نخشى إصابتنا» ، والدّائرة صفة غالبة لا يذكر موصوفها ، والأصل : داورة ؛ لأنّها من دار يدور.
قال الواحدي (٧) : الدّائرة من دوائر الزّمن ، كالدّولة والدّوائل تدول قال الشاعر : [الرجز]
١٩٨١ ـ يردّ عنك القدر المقدورا |
|
أو دائرات الدّهر أن تدورا (٨) |
يعني بدور الدّهر : هو الدّائرة من قوم إلى قوم.
فصل
المراد بقوله تعالى (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هم المنافقون يعني : عبد الله بن أبيّ
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢١٨.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٠٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٢٠ ، والدر المصون ٢ / ٥٤٣ ، والشواذ (٣٩).
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٠٤.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٥٢٠ ، والدر المصون ٢ / ٤٥٣.
(٦) سقط في أ.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ١٥.
(٨) ينظر : القرطبي ٦ / ١٤١ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٢٠٥.