قوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ).
وفي مصحف عبد الله (١) : «بسطان» يقال : «يد بسط» على زنة «ناقة سرح» ، و «أحد» و «مشية سجح» ، أي : مبسوطة بالمعروف ، وقرأ (٢) عبد الله : «بسيطتان» ، يقال : يد بسيطة ، أي : مطلقة بالمعروف.
[وغلّ] اليد وبسطها هنا استعارة للبخل والجود ، وإن كان ليس ثمّ يد ولا جارحة ، وكلام العرب ملآن من ذلك ، قالت العرب : «فلان ينفق بكلتا يديه» ؛ قال : [الطويل]
٢٠٠٣ ـ يداك يدا مجد ، فكفّ مفيدة ، |
|
وكفّ إذا ما ضنّ بالمال تنفق (٣) |
وقال أبو تمام : [الطويل]
٢٠٠٤ ـ تعوّد بسط الكفّ حتّى لو أنّه |
|
دعاها لقبض لم تطعه أنامله (٤) |
وقد استعارت العرب ذلك حيث لا يد ألبتة ، ومنه قول لبيد : [الكامل]
٢٠٠٥ ـ ............... |
|
إذ أصبحت بيد الشّمال زمامها (٥) |
وقال آخر : [الكامل]
٢٠٠٦ ـ جاد الحمى بسط اليدين بوابل |
|
شكرت نداه تلاعه ووهاده (٦) |
وقالوا : «بسط اليأس كفّيه في صدري» ، واليأس معنى ، لا عين ، وقد جعلوا له كفّين مجازا ، قال الزمخشريّ : «فإن قلت : لم ثنّيت اليد في (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ، وهي في (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) مفردة؟ قلت : ليكون ردّ قولهم وإنكاره أبلغ وأدلّ على إثبات غاية السّخاء له ، ونفي البخل عنه ، وذلك أنّ غاية ما يبذله السّخيّ من ماله بنفسه : أن يعطيه بيديه جميعا ، فبنى المجاز على ذلك».
فصل
اعلم أنه قد ورد في القرآن آيات كثيرة ناطقة بإثبات اليد ، فتارة ذكر اليد من غير
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢١٦ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٣٥ ، والدر المصون ٢ / ٥٦٦.
(٢) ينظر : المصادر السابقة.
(٣) البيت للأعشى. ينظر : ديوانه (٢٢٥) ، البحر المحيط ٣ / ٥٣٥ ، تفسير الطبري ٤ / ٦٣٩ ، الدر المصون ٢ / ٥٦٦.
(٤) ينظر : ديوانه (٢٢٥) ، البحر المحيط ٣ / ٥٣٤ ، الدر المصون ٢ / ٥٦٦.
(٥) عجز بيت وصدره :
وغداة ريح قد وزعت وقدة |
|
... |
ينظر : ديوانه (١٧٦) ، شرح القصائد العشر (٢٩٧) ، العمدة ١ / ٢٦٩ ، البحر ٣ / ٥٣٥ ، روح المعاني (١٥ / ٥٦) ، الدر المصون ٢ / ٥٦٦.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٥٣٥ ، الكشاف ١ / ٦٢١ ، الدر المصون ٢ / ٥٦٦.