بتشديد الصّاد بعدها ألف ، وقرأ (١) عثمان البتي والجحدري : «يصّلحا» بتشديد الصّاد من غير ألف ، وعبيدة السّلمانيّ : «يصالحا» (٢) بضمّ الياء ، وتخفيف الصّاد ، وبعدها ألف من المفاعلة ، وابن مسعود ، والأعمش (٣) : «أن اصّالحا».
فأمّا قراءة الكوفيين فواضحة.
وقراءة باقي السّبعة ، أصلها : «يتصالحا» ، فأريد الإدغام تخفيفا ؛ فأبدلت التّاء صادا وأدغمت ، كقوله : «ادّاركوا». وأمّا قراءة عثمان ، فأصلها : «يصطلحا» فخفّف بإبدال الطّاء المبدلة من تاء الافتعال صادا ، وإدغامها فيما بعدها.
وقال أبو البقاء (٤) : «وأصله : «يصتلحا» فأبدلت التاء صادا وأدغمت فيها الأولى» وهذا ليس بجيّد ، لأنّ تاء الافتعال يجب قلبها طاء بعد الأحرف الأربعة ؛ كما تقدّم تحقيقه في البقرة ، فلا حاجة إلى تقديرها تاء ؛ لأنه لو لفظ بالفعل مظهرا لم يلفظ فيه بالتّاء إلا بيانا لأصله.
وأمّا قراءة عبيدة فواضحة ؛ لأنها من المصالحة.
وأما قراءة : «يصطلحا» فأوضح ، ولم يختلف في «صلحا» مع اختلافهم في فعله.
وفي نصبه أوجه :
فإنه على قراءة الكوفيين : يحتمل أن يكون مصدرا ، وناصبه : إمّا الفعل المتقدّم وهو مصدر على حذف الزّوائد ، وبعضهم يعبّر عنه بأنه اسم مصدر كالعطاء والنّبات ، وإمّا فعل مقدر أي : فيصلح حالهما صلحا. وفي المفعول على هذين التّقديرين وجهان :
أحدهما : أنه «بينهما» اتسّع في الظّرف فجعل مفعولا به.
والثاني : أنه محذوف و «بينهما» ظرف أو حال من «صلحا» فإنه صفة له في الأصل ، ويحتمل أن يكون نصب «صلحا» على المفعول به ، إن جعلته اسما للشيء المصطلح عليه ؛ كالعطاء بمعنى : المعطى ، والثبات بمعنى : المثبت.
وأمّا على بقية القراءات : فيجوز أن يكون مصدرا على أحد التّقديرين المتقدمين : أعني : كونه اسم المصدر ، أو كونه على حذف الزّوائد ، فيكون واقعا موقع «تصالحا ، أو اصطلاحا ، أو مصالحة» حسب القراءات المتقدّمة ، ويجوز أن يكون منصوبا على إسقاط حرف الجرّ ، أي : بصلح ، أي : بشيء يقع بسبب المصالحة ، إذا جعلناه اسما للشيء المصطلح عليه.
والحاصل أنه في بقيّة القراءات ينتفي عنه وجه المفعول به المذكور في قراءة
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١١٩ ، والدر المصون ٢ / ٤٣٦.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١١٩ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٧٩ ، والدر المصون ٢ / ٤٣٦.
(٣) ينظر : السابق.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ١٩٧.