الكوفيّين ، وتبقى الأوجه الباقية جائزة في سائر القراءات.
قوله : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) : مبتدأ وخبر ، وهذه الجملة قال الزمخشري (١) فيها وفي التي بعدها : «إنهما اعتراض» ولم يبيّن ذلك ، وكأنه يريد أنّ قوله : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) معطوف على قوله : (فَلا جُناحَ) فجاءت الجملتان بينهما اعتراضا ؛ هكذا قال أبو حيّان.
قال شهاب الدين : وفيه نظر ، فإن بعدهما جملا أخر ، فكان ينبغي أن يقول الزّمخشري في الجميع : إنها اعتراض ، ولا يخص : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) ، وأحضرت الأنفس [الشّح] بذلك ، وإنما يريد الزّمخشريّ بذلك : الاعتراض بين قوله : (وَإِنِ امْرَأَةٌ) وقوله : (وَإِنْ تُحْسِنُوا) فإنهما شرطان متعاطفان ، ويدلّ عليه تفسيره له بما يفيد هذا المعنى ، فإنه قال : «وإن تحسنوا بالإقامة على نسائكم ، وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن ، وتتقوا النّشوز والإعراض» انتهى.
فصل
والألف واللّام في الصّلح يجوز أن تكون للجنس ، وأن تكون للعهد ؛ لتقدّم ذكره ، نحو : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٦].
فعلى الأوّل وهو أنه مفرد محلّى بالألف واللّام فهل يفيد العموم ، أم لا؟ فإن قلنا : يفيد العموم ؛ فإذا حصل هناك معهود (٢) سابق ، فهل يحمل على العموم ، أم على المعهود السّابق؟ [و](٣) الأولى : حمله على المعهود السّابق ، لأنا إنّما حملناه على الاستغراق ضرورة أنّا لو لم نقل ذلك لخرج عن الإفادة ، وصار مجملا ، فإذا حصل معهود سابق ، اندفع هذا المحذور ، فوجب حمله عليه.
وإذا عرفت هذه المقدّمة : فمن حمله على المعهود السّابق ، قال : الصّلح بين الزّوجين خير من الفرقة ، ومن حمله على الاستغراق ، تمسّك به في أنّ الصّلح على (٤) الإنكار جائز ، وهم الحنفيّة و «خير» : يحتمل أن تكون للتّفضيل على بابها ، والمفضّل عليه محذوف ، فقيل : تقديره : من النّشوز ، والإعراض ، وقيل : خير من الفرقة ، والتّقدير الأول أولى ؛ للدلالة اللّفظيّة ، ويحتمل أن تكون صفة مجرّدة ، أي : والصّلح خير من الخيور ؛ كما أنّ الخصومة شرّ من الشّرور.
فصل في سبب نزول الآية
هذه الآية نزلت في عمرة ويقال : خولة بنت محمّد بن مسلمة ، وفي زوجها سعد ابن الرّبيع ، ويقال : رافع بن خديج تزوّجها وهي شابّة ، فلما علاها الكبر ، تزوّج عليها
__________________
(١) ينظر : الكشاف ١ / ٥٧١.
(٢) في ب : محصول.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : بين.