فصل
المراد بالمثل ما يقرب من الصّيد المقتول شبها من حيث الخلقة ، لا من حيث القيمة.
وقال محمّد بن الحسن : الصّيد ضربان : ما له مثل ، وما له مثل له.
فما له مثل يضمن بمثله من النّعم ، وما لا مثل له يضمن بالقيمة.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : المثل الواجب هو القيمة.
فصل
إذا قتل المحرم الصّيد وأدّى جزاءه ، ثم قتل صيدا آخر لزمه جزاء آخر ، وقال داود : لا يجب ، وحجّة الجمهور هذه الآية ، فإنّ ظاهرها يقتضي أن يكون علّة وجوب الجزاء هو القتل ، فوجب أن يتكرّر الحكم بتكرار العلّة ، فإن قيل : إذا قال الرّجل لنسائه من دخلت منكنّ الدّار فهي طالق ، فدخلت واحدة مرّتين ، لم يقع الطّلاق مرّتين.
فالجواب أنّ القتل علّة لوجوب الجزاء ، فيلزم تكرار الوجوب لتكرار العلّة ، وأمّا دخول الدّار فهو شرط لوقوع الطّلاق ، فلم يلزم تكرار الحكم عند تكرار الشّرط ، واحتجّ داود بقوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) فجزاء العائد الانتقام لا الكفّارة.
قوله : «يحكم به ذوا عدل» في موضع نصب على الحال منه ، أو على النّعت ل «جزاء» فيمن نصبه ، وخصّص أبو البقاء (١) كونه صفة بقراءة تنوين «جزاء» ، والحال بقراءة إضافته ، ولا فرق ، بل يجوز أن تكون الجملة نعتا أو حالا بالاعتبارين ؛ لأنه إذا أضيف إلى «مثل» ، فهو باق على تنكيره ؛ لأنّ «مثلا» لا يتعرّف بالإضافة ، وكذا خصّص مكي (٢) الوصف بقراءة إضافة الجزاء إلى «مثل» فإنه قال : «ومن النّعم في قراءة من أضاف الجزاء إلى «مثل» صفة ل «جزاء» ، ويحسن أن تتعلّق «من» بالمصدر ، فلا تكون صفة ، وإنما المصدر معدى إلى (مِنَ النَّعَمِ) ، وإذا جعلته صفة ، ف «من» متعلّقة بالخبر المحذوف ، وهو فعليه» ، وفي هذا الكلام نظر من وجهين :
أحدهما : قد تقدّم ، وهو التخصيص بقراءة الإضافة.
والثاني : أنه حين جعل «من النّعم» صفة علّقها بالخبر المحذوف لما تضمّنه من الاستقرار ؛ وليس كذلك ؛ لأنّ الجارّ ، إذا وقع صفة تعلّق بمحذوف ، ذلك المحذوف هو الوصف في الحقيقة ، وهذا الذي جعله متعلّقا لهذه الصفة ليس صفة للموصوف في الحقيقة ، بل هو خبر عنه ؛ ألا ترى أنك لو قلت : «عندي رجل من بني تميم» أنّ «من
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٢٦.
(٢) ينظر : المشكل ١ / ٢٤٥.