امرأة شابّة ، فآثرها عليها ، وجفا ابنه محمّد بن مسلمة (١) ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فشكت ذلك إليه ، فنزلت الآية (٢).
وقيل : نزلت في سودة بنت زمعة ، حين أراد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يطلّقها ، فالتمست أن يمسكها وتجعل نوبتها لعائشة (٣) ، فأجازه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ولم يطلقها.
وروي عن عائشة ، أنها قالت : نزلت في المرأة تكون عند الرّجل ، ويريد أن يستبدل [بها](٤) غيرها ، فتقول : أمسكني ، وتزوج بغيري (٥) ، وأنت في حلّ من النّفقة [والقسم (٦)](٧).
وقال سعيد بن جبير : نزلت في أبي السّائب ، كان له امرأة قد كبرت ، وله منها أولاد ، فأراد أن يطلّقها ويتزوّج بغيرها ، فقالت : لا تطلّقني ، ودعني على ولدي ، فاقسم لي من كلّ شهرين إن شئت ، وإن شئت فلا تقسم لي ، فقال : إن كان يصلح ذلك ؛ فهو أحبّ إليّ ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر له ذلك. فأنزل الله (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ)(٨) أي : علمت قيل : وظنّت ، وقيل : مجرّد الخوف عند [ظهور](٩) أمارات النّشوز ، وهو البغض والشّقاق ، من النّشر : وهو ما ارتفع عن الأرض.
قال الكلبيّ (١٠) : نشوز الرّجل : ترك مجامعتها ، وإعراضه بوجهه عنها ، وقلة مجالستها ، (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي : على الزّوج والمرأة أن يتصالحا ، والصّلح إنّما يحصل في شيء يكون حقّا له ، وحقّ المرأة على الزّوج : إما المهر ، أو النّفقة ، أو القسم. فهذه الثلاثة هي التي تقدر المرأة على طلبها (١١) من الزّوج ، شاء أم أبى ، وأما الوطء فلا يجبر عليه إلّا في بعض الصّور ، وإذا كان كذلك ، فإذا بذلت المرأة ما تستحقّه ، أو بعضه للزّوج ، وتصالحا على ذلك جاز ، فإن رضيت ، كانت هي المحسنة ، ولا تجبر على ذلك ، وإن لم ترض ، كان على الزّوج أن يوفّيها حقها من القسم والنّفقة [أو يسرّحها بإحسان ، فإن أمسكها ووفّاها حقّها مع كراهيّته ، فهو المحسن.
__________________
(١) في ب : سلمة.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٢٧٥) وينظر تفسير البغوي (١ / ٤٨٦) وأسباب النزول للواحدي ص ١٣٧.
(٣) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٣٢) كتاب تفسير القرآن باب سورة النساء حديث (٣٠٤٠) والطيالسي (٢ / ١٧ ـ منحة) حديث (١٩٤٤) والبيهقي (٧ / ٢٩٧) من حديث ابن عباس.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.
والأثر ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٠) وزاد نسبته للطبراني وابن المنذر.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : غيري.
(٦) سقط في ب.
(٧) أخرجه البخاري (٩ / ٢٦٦) والطبري (٩ / ٢٧١) من حديث عائشة وكذلك البيهقي (٧ / ٢٩٦).
(٨) ينظر : تفسير الرازي (١١ / ٥٢) عن سعيد بن جبير.
(٩) سقط في ب.
(١٠) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٤٨٦.
(١١) في أ : طلاقها.