فصل
معنى (مَتاعاً لَكُمْ) أي : منفعة لكم ، وللسّيّارة يعني : المارّة ، وجملة حيوانات الماء على قسمين : سمك ، وغيره ، أمّا السّمك فميتته حلال مع اختلاف أنواعها ، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «أحلّت لنا ميتتان السّمك والجراد» (١) ، ولا فرق بين أن يموت بسبب أو بغير سبب.
وعند أبي حنيفة : لا يحلّ إلا أن يموت بسبب من وقوع على حجر ، أو انحسار الماء عنه ، ونحو ذلك.
وأمّا غير السّمك فقسمان :
قسم يعيش في البرّ ، كالضفدع والسّرطان ، فلا يحل أكله.
وقال مالك ، وأبو مجلز (٢) ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وغيرهم : كلّ (٣) ما يعيش في البرّ ، وله فيه حياة ، فهو صيد البرّ إن قتله المحرم وداه (٤) ، وزاد أبو مجلز (٥) في ذلك الضفدع ، والسّلاحف ، والسّرطان.
وقسم يعيش في الماء ، ولا يعيش في البرّ إلّا عيش المذبوح ، فاختلف فيه ، فقيل : لا يحلّ شيء منه إلّا السّمك ، وهو قول أبي حنيفة.
وقيل : إنّ ميت الماء كلّها حلال ، لأنّ كلّها سمك ، وإن اختلفت صورتها كالجريث ، يقال: إنّه حيّة الماء ، وهو على شكل الحيّة ، وأكله مباح بالاتّفاق ، وهو قول أبي بكر ، وعمر ، وابن عبّاس ، وزيد بن ثابت ، وأبي هريرة ، وبه قال شريح ، والحسن وعطاء ، وهو قول مالك ، وظاهر مذهب الشّافعي.
وذهب قوم إلى أنّ ما له نظير في البرّ يؤكل ، فميتته من حيوانات البحر حلال ، مثل بقر الماء ونحوه ، وما لا يؤكل نظيره في البرّ لا تحلّ ميتته من حيوانات البحر ، مثل كلب الماء والخنزير والحمار ونحوها.
وقال الأوزاعيّ : كلّ شيء عيشه في الماء فهو حلال قيل : والتّمساح؟ قال : نعم.
وقال الشّعبي : لو أنّ أهلي أكلوا الضّفادع لأطعمتهم.
وقال سفيان الثّوري : أرجو ألّا يكون بالسّرطان بأس ، وظاهر الآية حجّة لمن أباح جميع حيوانات البحر ، وكذلك الحديث ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم «هو الطّهور ماؤه والحلّ ميتته» (٦).
__________________
(١) تقدم.
(٢) في أ : مجلف.
(٣) في أ : قلما.
(٤) في أ : أو أذاه.
(٥) في أ : مجلف.
(٦) تقدم.